حطّت صباح اليوم في مطار جاكرتا الدولي طائرة البابا فرنسيس الآتية من روما. ويزور الأب الأقدس إندونيسيا في رحلة تدوم حتّى 6 سبتمبر/أيلول الحالي، ينتقل بعدها إلى ثلاثة بلدان أخرى في جنوب شرق آسيا وأوقيانوسيا.
بدأت الرحلة البابويّة من مطار فيوميتشينو الدولي في روما قرابة الساعة 5:32 من بعد ظهر أمس بتوقيت إيطاليا. وعلى متن الطائرة حيّا الأب الأقدس الصحافيّين المرافقين له وشكرهم على حضورهم.
وبعد وصوله إلى العاصمة الإندونيسيّة التقى الحبر الأعظم في السفارة البابويّة في جاكرتا لاجئين تعتني بهم الهيئة اليسوعية لخدمة اللاجئين، وأطفالًا أيتامًا يعيشون لدى الراهبات الدومينيكيّات، ومسنّين، ومشرّدين تساعدهم جماعة القدّيس إيجيديو في إندونيسيا.
فرح وقوّة خاصّة
في سياق الرحلة البابويّة، تحدّثت «آسي مينا» إلى عضو دائرة الحوار بين الأديان الفاتيكانيّة الأب ماركوس سولو كيوتا، أوّل إندونيسي يعمل في الكوريا الرومانيّة، الإدارة المركزيّة لحاضرة الفاتيكان، والمرافق للأب الأقدس في رحلته. فقال سولو إنّ الكاثوليك في إندونيسيا سعداء بأنّ البابا الآن بينهم، فهم «سيشعرون بقوّة خاصّة من خلال وجوده».
وزاد سولو أنّ سكّان البلاد يتوقّعون أن يمنحهم الأب الأقدس توجيهات صحيحة لكيفيّة عيش إيمانهم وممارسته في مجتمع متعدّد الأديان. وهم يشاركون اليوم في مجموعات صلاة مختلفة من أجل نجاح زيارة البابا، وبعض هذه المجموعات تصلّي يوميًّا على مدار 24 ساعة.
وتابع الأب ماركوس أنّ زيارة البابا فرحة كبيرة للكاثوليك، وللأمّة كلّها، ولا سيما للمسلمين المعتدلين الذين يشكّلون غالبيّة سكّان إندونيسيا. وزاد أنّ بعض المسلمين يعتبرون أنّ البابا لا ينتمي حصرًا إلى الكاثوليك، بل إليهم أيضًا وذلك بسبب شغف الحبر الأعظم القويّ بالقضايا الاجتماعيّة والإنسانيّة. وكشف سولو أنّ في خلال فترة التحضير لزيارة فرنسيس، شارك كثيرون من المسلمين في لجان مختلفة وندوات ومؤتمرات.
تاريخ المسيحيّة في إندونيسيا
أخبر سولو عن الكاثوليكيّة في أكبر بلد مسلم في العالم من حيث عدد السكّان. فأوضح أنّ المسيحيّة، وتحديدًا الكاثوليكيّة، وصلت إلى إندونيسيا للمرّة الأولى في أوائل القرن الرابع عشر مع الفرنسيسكان الإيطاليّين. وانطلق التبشير في جزر مالوكو في القرن السادس عشر مع التجّار البرتغاليّين والمبشّرين اليسوعيّين مثل القديس فرنسيس كسفاريوس، رفيق القديس إغناطيوس دي لويولا، مؤسّس الرهبانيّة اليسوعيّة. ثمّ نما الإيمان الكاثوليكيّ في خلال مرحلة الاستعمار الهولنديّ.
وعلى الرغم من الجهود الكاثوليكيّة المبكرة، برز الإيمان البروتستانتيّ أكثر في نهاية المطاف. ويشكّل الكاثوليك الآن نحو 3% فقط من سكّان إندونيسيا. وأشار سولو إلى أنّ جزيرة فلوريس لا تزال معقلًا كاثوليكيًّا إلى حدّ كبير بسبب التأثير البرتغالي فيها.
حاضر إندونيسيا ومستقبل المسيحيّة فيها
شرح الأب ماركوس أنّ تحت حكم الرئيس السابق للبلاد سوهارتو، وعلى الرغم من سمعته الدكتاتوريّة، كانت الأصوليّة الدينيّة والتطرّف بعيدَين عن إندونيسيا. وبعد سقوطه، برزت الأحزاب السياسيّة القائمة على الدين والأصوليّة.
وعلى الرغم من أنّ الحكومة حظرت بعض الجماعات المتطرّفة، لا تزال الأيديولوجيات الأساسيّة قائمة اليوم، وغالبًا ما تتأثّر بالثقافات الدينيّة الأجنبيّة. وتواجه إندونيسيا تحدّي تزايد الأصوليّة الدينيّة وتراجع الانتماء الوطني، ما يهدّد الوئام الاجتماعي وحقوق الأقليّات.
كفاح الفقراء في أطراف البلاد
ذكر سولو أنّ الكاثوليك الإندونيسيّين فخورون بإيمانهم ويمارسونه بفرح وشغف واقتناع. وأشار إلى أنّ معظم الكنائس في المدن صغيرة جدًّا، ما يستدعي الاحتفال بالقدّاس مرات عدّة في خلال النهار.
وفسّر أنّ كنائس كثيرة تستخدم شاشات كبيرة في باحاتها للسماح لمن لم يتمكّنوا من الجلوس في الداخل بمتابعة القدّاس. كما أنّ بعض أماكن الاحتفال بالقدّاس تبدأ في الصباح الباكر، ويشارك فيها الأطفال قبل ذهابهم إلى المدرسة. ومع ذلك يكافح الكاثوليك، في أطراف إندونيسيا، لبناء كنائس أفضل بسبب الفقر.
ينطلق البابا فرنسيس قرابة الساعة الخامسة والربع من بعد ظهر اليوم بتوقيت إيطاليا من مطار فيوميتشينو الدولي في روما إلى العاصمة الإندونيسيّة جاكرتا. يبدأ الأب الأقدس رحلة تمتدّ حتّى 13 سبتمبر/أيلول ويزور في خلالها أربعة بلدان يسير فيها على خطى المرسَلين، ويتوجّه إلى الشبيبة، كما يتوقّف على التحدّيات البيئيّة العاصفة بالعالم.