ثم عاد البابا فرنسيس إلى آلام يسوع وقال إنه على الصليب هناك الأشخاص الذين تضربهم الحرب في افريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وآسيا. وذكَّر قداسته بحديثه قبل سنوات عن حرب عالمية ثالثة مجزأة، مضيفا أننا لم نتعلم. وعاد في حديثه إلى زيارته مقابر الجنود في ريديبوليا وأنسيو الإيطاليتين، وقال: لقد رأيتُ وبكيت. كما وتذكَّر مرور ٧٥ عاما سنة ٢٠١٩ على إنزال نورماندي وقال إن الحرب تكبر مع حياة أبنائنا، ولهذا أقول إن الحرب أمر فظيع. وحين سألته الصحفية لماذا لم يتعلم البشر من الماضي ولِمَ يواصلون استخدام الأسلحة لحل المشاكل أجاب البابا فرنسيس قائلا إنه يفهم الحكام الذين يشترون السلاح لكنه لا يبرر تصرفهم هذا. وأضاف أنهم يفعلون هذا بمنطق الدفاع عن النفس، ولكن هذا ينطلق من اتِّباع نموذج قاين. إلا أن هذا هو نموذج شيطاني، قال الأب الأقدس، نموذج يقود إلى أن نقتل بعضنا البعض سعيا إلى السلطة أو باسم الأمن وأمور أخرى كثيرة. وأضاف أن هذا ليس ضروريا إن كان هناك نموذج سلام، وأشار إلى الكثير من الحروب الخفية البعيدة عنا. وواصل البابا فرنسيس: لقد نُسيت لغة السلام، إلا أنه أشار من جهة أخرى إلى الجهود الساعية إلى إسكات السلاح والحديث عن السلام وإلى محاولات الأمم المتحدة عمل ما يمكن إلا أنها لم تنجح.
هذا واراد البابا فرنسيس في المقابلة تسليط الضوء على امرأة لا يدور الحديث عنها كثيرا، زوجة بيلاطس، والتي قالت لزوجها "دعك وهذا البار"، إلا ان بيلاطس لم يستمع إليها. وقال البابا إن هذه المرأة قد فهمت المأساة من بعيد، وأضاف: ربما كانت أُمّا وكان لديها ذلك الحدس الذي يميز النساء. وتحدث قداسته أيضا عن قدرة السلطة على تغيير آراء الأشخاص وهو ما نشهد اليوم، وأضاف أن هناك حاجة إلى النساء ليُنَبهننا.
وفي عودة إلى الحرب في أوكرانيا سألت الصحفية البابا فرنسيس عن مشاعره أمام هذه المأساة. وتحدث الأب الأقدس عن الألم، وقال إن أمام الألم الجسدي يمكن عمل شيء ولكن ليس هناك تخدير للألم النفسي سوى الصلاة والبكاء. وأضاف البابا أننا قد نسينا البكاء وأنه إن أراد ان يقدم نصيحة لنفسه وللآخرين فهي أن نطلب عطية الدموع. وذكَّر بصلاة جميلة: يا رب، يا من أخرج الماء من الصخر، أخرِج الدموع من صخرة قلبي. ثم تساءل قداسته كم من الناس تَمكنوا من البكاء أمام مشاهد الحرب، وقال مجيبا إن البعض قد تمكنوا بالتأكيد، لكن كثيرين لم ينجحوا في ذلك.
كانت المغفرة وطلب المغفرة من المواضيع الأخرى التي تحدث عنها البابا فرنسيس حين سألته الصحفية كيف يمكن مغفرة من يفعلون الشر ويقتلون الأبرياء. وتوقف الأب الأقدس قي إجابته عند الأصل الإلهي للمغفرة، وقال: إن لم افعل أنا هذا الشر فذلك لأن الله قد أوقفني بيده، برحمته. وتابع أننا لذلك لا يمكننا أن ندين مَن يطلب المغفرة، علينا أن نغفر دائما.
الرجاء أيضا كانت له وقفة هامة في هذه المقابلة التلفزيونية، وذلك حين تطرق الحديث إلى من فقدوا عملهم بسبب جائحة كوفيد ١٩. وقال قداسة البابا إن الرجاء هو الكلمة المفتاح التي تكشف آفاقا نحو المستقبل، نحو السماء. وأكد البابا فرنسيس أن الرجاء لا يخذل أبدا وإن كان يجعلنا ننتظر، وأن الرجاء حتى وإن كان غير ظاهر فهو يجعلنا نعثر على الطريق الصحيح. وتابع الأب الأقدس أن التحلي بالرجاء لا يعني وهم الذات أو قراءة الطالع، فالرجاء هو مرساة، يقين، لا يجوز الخلط بينه وبين التفاؤل، التحلي بالرجاء يعني السير نحو الحياة.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
وفي ختام المقابلة التي أجراها معه برنامج "A Sua immagine" (على صورته) للتلفزيون الإيطالي راي تمنى قداسة البابا فرنسيس للجميع لمناسبة الفصح ألا يفقدوا الرجاء، فالرجاء الحقيقي لا يخذل، وأيضا أن يطلبوا نعمة البكاء، ولكن بكاء الفرح، التعزية والرجاء. وختم قداسته: فلنسأل بطرس أن يعلِّمنا أن نبكي كما فعل هو.
تأسست وكالة الأنباء الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "آسي مينا" في 25 آذار 2022، عيد بشارة السيّدة مريم العذراء، بعد عام واحد على الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس إلى العراق. "آسي مينا" جزءٌ من مجموعة CNA/ACI، وهي إحدى خدمات أخبار EWTN.