2.إن تساؤل النسوة: "من تراه يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟" (مر 16: 3)، "وكان الحجر كبيرًا" (متى 26: 60)، هو سؤال يطرحه شعبنا للخروج من الأزمة التي يعيشها، وهي خانقة على المستوى الاقتصاديّ والمالي والمعيشيّ.
من حقّ اللبنانيّين أن يَنتقلوا إلى عهدِ القيامة، وقد طالت جُلجُلتُهم القسريّة، وطالت الهيمنةُ على واقعِهم ومصيرِهم، وتمادت عمليّةُ تشويه صورةِ لبنان البهيّة. إنَّ المؤمنين بلبنان يعيشون روحيًّا قيامةَ المسيح، لكنّهم لا يَشعُرون بقيامتِهم الوطنيّة وباستعادةِ العافيةِ والزمن الجميل.
إنّ عيونهم شاخصةٌ إلى المسيح القائم من القبر، ولكنّ قلوبَهم تَعتصر حزنًا إذ يَلمُسون عجزَ السلطةِ عن معالجةِ أوجاعِهم وجروحاتِهم ومآسيهم. فاللبنانيّون بأكثريّتهم يَرزحون تحت عبء الفَقرِ والعوزِ وفِقدانِ الطبابةِ والدواءِ والضماناتِ الاجتماعيّةِ وفُرصِ العمل وتَرنُّحِ الدولةِ وتعثّرِ الوِحدة وتفاقم الانهيار.
في زمنِ الانتقال من الجلجلةِ إلى زمنِ دحرجةِ الحجَر، نرى بكلّ أسف غالِبيّةَ العاملين في الحقل السياسي والمسؤولين عن الوطنِ والشعبِ يتصرّفون لا لإزاحةِ الحجرِ عن صدرِ اللبنانيّين بل لتَثبيته.
3.فكما المسيح، وهو الربُّ إلهُنا، افتدى بالصلبِ البشريّةَ من الخطيئةِ ووضَعها على الطريقِ السليم، هكذا يَتطلّعُ شعبُ لبنان المصلوبُ إلى الدولةِ لكي تَفتديَه بالحوكمةِ الرشيدةِ وحسنِ الأداءِ وصِحّةِ الخِياراتِ الوطنيّةِ والإصلاحاتِ المنتجة. ينتظر اللبنانيّون قيامتَهم من الدولةِ وفي الدولةِ، ويَتوقّعُون من المسؤولين والمتعاطين في الشأن السياسي أن يَضعوا وطنهم على سِكّةِ الخلاص بعد هذه العذابات التي لم يَشهدْوا مثلها من قبل، حتى في زمنِ الحروبِ والقصف والدمار. لا يريدُ اللبنانيون الحقيقيّون عن الدولةِ بديلًا، ولا يريدون لها شريكًا. إنّهم يَتوقون إلى اللحظةِ التي تُرفع الأيادي عن لبنان وتَنحسِرُ الهيمنةُ، ويسقطُ التسلّطُ، ويتوقّف تسييسُ القضاء والإدارة وتعطيلهما من النافذين، وتَنتهي الازدواجيّةُ، وتعلو المصلحةُ الوطنيّةُ على كلِّ المصالحِ الخاصّةِ والانتخابيّة… فلا يبقى سوى جمهوريةٍ واحدةٍ وشرعيّةٍ واحدة وسلاحٍ واحدٍ وقرارٍ واحدٍ وهُويّةٍ لبنانيّةٍ جامعة.
فخامة الرئيس،