رفضُ رمي لبنان في لجّة النار يتكرّس يومًا بعد آخر مع ملامح التصعيد الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، والآخذة في التمدّد إلى الداخل اللبناني وآخرها في عمق بيروت وتحديدًا في ضاحيتها الجنوبيّة. واقع يطيح رمزيّة جغرافيا المواجهات ويفرض دوامة من الضربات المتبادلة المتصاعدة حدّ فرضيّة بلوغ حربٍ موسّعة، خصوصًا مع دخول إيران على خطّ المواجهة الناريّة.
هذا السيناريو التصعيديّ، أيًّا تكن دوافعه، مرفوضٌ تمامًا في الشارع المسيحي المصرّ على موقفه من تحييد لبنان. وأمام هذا الواقع المأزوم، يدعو المسيحيّون إلى تطبيق فعليّ للقرار 1701 لاجتناب جرّ لبنان إلى حرب إقليمية. وهو قرارٌ تبنّاه مجلس الأمن الدولي بالإجماع عام 2006، ويصبو إلى وقف كامل للعمليات القتالية وإلى حلّ النزاع اللبناني الإسرائيلي، بمساعدة القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل).
موقف حاسمٌ في بكركي
على خطّ بكركي، لا تبدُّلات في موقف البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي. بل إصرارٌ أكبر على خيار النأي بالبلاد عن أيّ حربٍ «لا دخل للبنانيّين فيها». يواصل سيّد الصرح في غير مناسبةٍ وعظةٍ التحذير من الانزلاق في «الحرب العمياء». ومن بين مواقف كثيرة تصبّ في الخانة نفسها، برز موقفان في الأسابيع والأشهر الماضية: أوّلهما، يوم توجّه إلى من سمّاهم «المتعطّشين للدماء»، مؤكّدًا أنّ قرار الحرب مسؤوليّة جسيمة. وثانيهما، في قدّاس عيد مار شربل يوم 20 يوليو/تموز الماضي، عندما قال أمام آلاف المؤمنين إنّ لبنان أرض قداسة لا أرض حروب وتدمير وتهجير.
هذا التموضُع عزّزه المطارنة الموارنة أكثر من مرّة، وكرّروه اليوم الأربعاء تحديدًا في اجتماعهم الشهري حيث عبّروا عن تخوُّفهم من «انعكاسات الحرب في غزة وجنوب لبنان، وما قد تقود إليه من تصعيد شامل لأعمال العنف بإرادةٍ أجنبية ولمصالح لا تمتّ إلى الوطن بصلة». وقالوا: «يعرف القاصي والداني أنّ الحل الوحيد الذي يأتي بالهدوء وبنوعٍ من الاستقرار يبقى في تنفيذ قرارات الأمم المتّحدة وبخاصّة القرار 1701».
موقف واحد للأحزاب المسيحيّة؟