بغديدا, الثلاثاء 6 أغسطس، 2024
لم تستطع السنوات العشر المنصرمة أن تمحو من ذاكرة الأب مارتن بنّي، راعي كنيسة مار كوركيس الكلدانيّة في بغداد، تفاصيل تلك الليلة الصعبة التي عاشها مع أبناء بلدته كرمليس، عقب نهارٍ مشحونٍ بالقذائف المتساقطة وقلق الناس وخوفهم مترقّبين المجهول.
يروي بنّي لـ«آسي مينا» أحداث السادس من أغسطس/آب 2014، يوم استفاقت كرمليس الوادعة في سهل نينوى-العراق، على أصوات القذائف وأنباء استشهاد امرأةٍ وطفلَين في بغديدا-قره قوش المتاخمة وشروع الأهالي بالمغادرة بحثًا عن ملاذٍ آمن.
وقال: «إزاء القلق المستشري وأصوات الضربات المتبادَلة بين القوّات الأمنيّة ومقاتلي تنظيم داعش، لُذنا بالكنيسة رافعين صلوات عيد التجلّي واحتفلنا بالقدّاس، رغم أنّ داعش كان يبعد عنّا مسافة 20 دقيقة فقط».
وتابع بنّي: «كنت برفقة المطران بولس ثابت، وهو يومها كاهن رعيّة كرمليس وأنا إكليريكيٌّ أستعدّ للكهنوت، نواصل تجوالنا محاولين طمأنة الأهالي. وأذكر أنّها كانت قرابة الساعة العاشرة ليلًا حين بلَغَنا أنّ "تلكيف" غدَت أوّل بلدةٍ مسيحيّة تسقط في أيدي داعش. وبين الحيرة والتريّث، وإزاء خوف الناس من تعاظم خطر اقتراب داعش مع انسحاب القوّات الأمنيّة من دون إشعارنا لتتركنا وحيدين في مواجهة تنظيمٍ إرهابيّ، قرّرت السلطات الكنسيّة أن يخرج الشعب كلّه قاصدًا أربيل».