57 سنة على رحلة البابا بولس السادس إلى تركيا... جسر بين كنيستَي الشرق والغرب

البابا بولس السادس والبطريرك المسكونيّ أثيناغوراس الأوّل، رئيس أساقفة القسطنطينيّة الأرثوذكسيّ البابا بولس السادس والبطريرك المسكونيّ أثيناغوراس الأوّل، رئيس أساقفة القسطنطينيّة الأرثوذكسيّ | مصدر الصورة: ماريوس بيلتييه

وطأت قدما البابا بولس السادس، في 25 و26 يوليو/تموز 1967، الأراضي التركية ضمن زيارةٍ تاريخية. إذ كانت هذه الرحلة البابوية الأولى إلى إسطنبول منذ سقوط القسطنطينية.

وبعد السفر إلى إسطنبول للمشاركة في احتفال احتضنته كاتدرائية الروح القدس، زار البابا كنيسة القديس جاورجيوس البطريركية الأرثوذكسية برفقة البطريرك المسكوني أثيناغوراس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية الأرثوذكسي.

وجرى هذا اللقاء بعد مرور 3 سنوات على تبادل الرجلَين قبلة السلام في خلال رحلة حجٍ وجولة للسلام حول الأراضي المقدسة في القدس. إذ يُعَدُّ هذا المكان المقدّس المحطّة الوحيدة في العالم التي يمكن أن يلتقي فيها رؤساء الكنائس الشرقية والغربية بعد مرور 910 سنوات على الانشقاق عام 1054.

كما التقى البابا بولس السادس آنذاك البطريرك الأرمني في 25 يوليو/تموز وقادة الجالية المسلمة واليهودية. وقابل الحبر الأعظم السلطات التركية التي رحّبت بزيارته ترحيبًا حارًّا. واجتمع أيضًا برئيس الجمهورية السابق، جودت صوناي. وفي الاجتماع، ناقش الرجلان مشكلات الشرق الأوسط وقبرص. وشدّد صوناي على جهود الأب الأقدس في سبيل السلام.

وفي اليوم التالي، بعد الاحتفال بالقداس الإلهي في بازيليك القديس أنطونيوس في إسطنبول، توجّه بولس السادس إلى إزمير، ليلتقي السلطات المحلّية والسكان والمؤمنين. وانتقل إلى أفسس، حيث زار منزل السيدة العذراء، وأكّد هناك أهمّية إكرامها. كما خاطب مؤمني أفسس وممثلي الكنائس الأرثوذكسية الشرقية. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنّ القرآن الكريم يذكر اسم مريم خمسين مرة، ويكرّمها المسلمون أيضًا.

البابا بولس السادس. مصدر الصورة: موقع الفاتيكان
البابا بولس السادس. مصدر الصورة: موقع الفاتيكان

وأنهى الأب الأقدس رحلته الرسمية بقداس احتفالي في كاتدرائية القديس يوحنا في إزمير. ولم تشب الزيارة شائبة سوى صلاة البابا في متحف آيا صوفيا، وهي الصلاة الرسمية الأولى التي يقيمها قائدٌ مسيحي هناك منذ العام 1453. فصُدم العالم الإسلامي آنذاك، ووُصف هذا التصرّف بـ«الخطأ الفادح».

اعتُبِرَت هذه الزيارة خطوةً أولى لتجديد العلاقات المسكونية بين الكاثوليك وبطريركية القسطنطينية الأرثوذكسية، وهي مرحلةٌ أساسية نحو توحيد الكنيستَين. وقُرِئَت آنذاك وثيقةٌ مسكونية أساسية، «ميثاق وحدة كنائس الشرق والغرب»، في كاتدرائية الروح القدس في إسطنبول يوم 25 يوليو/تموز بحضور البابا والبطريرك أثيناغوراس.

ومنذ ذلك الحين، يبذل كلٌّ من البابا فرنسيس والبطريرك برثلماوس الأول جهودًا كبيرة لتحقيق هذا الهدف. وكانت هذه الجهود واضحةً عبر لقاءاتهما العديدة منذ العام 2013 (في القدس، وروما، وأماكن أخرى...)، بالإضافة إلى دعوة البطريرك البابا فرنسيس إلى حضور عيد القديس أندراوس في إسطنبول عام 2014.

وعلاوةً على ذلك، بمناسبة الذكرى السنوية الـ1700 لمجلس نيقية المسكوني والتي سيُحتَفَلُ بها عام 2025، دعا البطريرك مجدّدًا البابا فرنسيس إلى حضور الحدث. وقد رحّب الحبر الأعظم بالدعوة في نهاية يونيو/حزيران الماضي قائلًا: «أتمنى المشاركة بكلّ سرور».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته