عبديشوع الصوباويّ ومؤلّفاته... أثرٌ راسخ في كنيسة المشرق

ترك الصوباويّ أثرًا بارزًا في تنشيط الدراسات اللاهوتيّة والقانونيّة وتوجيهها وتطويرها وبعثها عبر كتبه وبحوثه ترك الصوباويّ أثرًا بارزًا في تنشيط الدراسات اللاهوتيّة والقانونيّة وتوجيهها وتطويرها وبعثها عبر كتبه وبحوثه | مصدر الصورة: Doidam 10/Shutterstock

رغم ندرة المصادر المنبئة بالمعلومات الدقيقة عن هذا العالِم الجليل والشاعر الغزير عبديشوع الصوباوي، يبقى أثره بارزًا في تنشيط الدراسات اللاهوتية والقانونية وتوجيهها وتطويرها وبعثها عبر كتبه وبحوثه. هذه الإنتاجات التي «دبّجها يراعه بأسلوب متين سَلِس في مجالات شتى، جعلت آثاره بمنزلة موسوعة علمية يعود إليها الباحثون والمولعون بالعلوم السريانية»، كما جعلت مكانته في كنيسة المشرق تضاهي مكانة معاصره أبو الفرج بن العبري في الكنيسة السريانية.

يتناول بطريرك الكنيسة الكلدانيّة الكاردينال لويس روفائيل ساكو في مقدّمة ترجمته العربيّة لكتاب «الجوهرة» للصوباوي، شيئًا من السيرة الذاتيّة لـ«عبد يشوع بن مبارك بن يوسف بن داود الجزري، الذي أبصر النور أواسط القرن الثالث عشر» والذي «يُعدّ بجدارة، أحد أبرز أعلام كنيسة المشرق».

كان راهبًا ثم أسقفًا على أبرشية سنجار وبيت عربايي عام 1285، لكنّ «توقّد الذهن وحسن الإدارة وتنوّع النشاط» دعت البطريرك مار يابالاها الثالث المغولي (1283-1318) إلى ترقيته عام 1290 رئيسًا لأساقفة نصيبين وأرمينيا «ومن هنا أتاه لقب (الصوباويّ) أو (النصيبينيّ)»، وظلّ يشغل هذا الكرسي حتى وفاته عام 1318.

يقول عنه القس جبرائيل القرداحي في كتابه «الكنز الثمين في صناعة شعر السريان» إنّه «كان من الأئمة الأعلام في علم الكلام والمنطق وصناعة النظم والنثر السرياني والعربي، ومن الناس من يفضّله على سائر الشعراء السريان المتأخرين، وقومٌ يعدّونه في طبقة القديس أفرام من حيث نصاعة اللغة، وفصاحة الشعر».

وضع كثيرًا من المؤلّفات، بالعربية والسريانيّة وأوردها بنفسه في جدوله الشهير الذي حصر فيه المؤلفين السريان وكتاباتهم نظمًا، إذ يقول: «أنا عبد يشوع الصوباوي الضعيف وضعت: كتاب تفسير الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، والجامع في التدبير العجيب، وكتاب الأشعار (جنة عدن)، ومختصر القوانين المَجمعية، وشهمرواريد (قصة ملك مرو)، وكتاب الجوهرة في حقيقة الإيمان، والأسرار الغامضة في فلسفة اليونان، وكتابًا مدرسيًّا لدحض الهرطقات كلّها، والأحكام والشرائع الكنسية، وتراجم وحوتامات وتعازيَ وخطبًا في مواضيع شتى، وشرح رسالة أرسطو العظيم إلى الإسكندر وفهرس المؤلفين».

حظيت كتاباته باهتمام الباحثين لقرون وأعيد طبعها أو ترجمتها مراتٍ عدّة كما كانت موضوعًا لرسائل الدكتوراه. ومن أبرزها: كتابه «الجوهرة» الذي وضعه عام 1298 «بأسلوب مشوّق ولغةٍ سلسة لكنّها صعبة، نظرًا إلى المواضيع الفلسفية واللاهوتية التي تناولها وفق منهجٍ مدرسيّ موضوعيّ» وجاء تلبيّةً لطلب بطريركه مار يابالاها الثالث «ليكون خلاصةً لاهوتيّةً للتعليم الرسميّ لكنيسة المشرق في مرحلته الأخيرة» بحسب ساكو.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته