مطبعة الآباء الدومينيكان... مهد طباعة الكتب المسيحيّة في العراق

دير الآباء الدومينيكان في الموصل، العراق دير الآباء الدومينيكان في الموصل، العراق | مصدر الصورة: مكتبة الثقافة السريانيّة في فيسبوك

انطلقت رسالة رهبانيّة الإخوة الواعظين المعروفين بـ«الدومينيكان» في الموصل، مركز محافظة نينوى، شماليّ العراق، عام 1750. ونشطوا منذئذٍ في التعليم والتثقيف والإرشاد والتطبيب إلى جانب نشاطهم الدينيّ الوعظيّ.

«إنّ ضرورة إيجاد الكتب الدينيّة والمدرسيّة آلت بالآباء الدومينيكان إلى التفكير في المطبعة» بحسب كتاب «الآباء الدومينيكان في الموصل، أخبارهم وخدماتهم 1750-2000» لبهنام حبابه. فجلبوا مطبعتهم الأولى عام 1857.

لقطة لعمّال ورشة التجليد الملحقة بمطبعة الآباء الدومينيكان في الموصل، العراق. مصدر الصورة: مـدوّنـة الـدكـتـور صـبـاح الـناصـري
لقطة لعمّال ورشة التجليد الملحقة بمطبعة الآباء الدومينيكان في الموصل، العراق. مصدر الصورة: مـدوّنـة الـدكـتـور صـبـاح الـناصـري

كانت المطبعة بدائيّةً حجريّةً (ليثوغرافيّة)، تطبع بطريقة القوالب. لكنّ طباعتها لوسائل الإيضاح لتعليم التلاميذ القراءة والخطّ باللغات العربيّة والفرنسيّة والكلدانيّة، كانت أعجوبة زمانها، بحسب حبابه.

ويَعتبر بهنام عفّاص «تلك المطبعة الحجريّة التي جاء بها الآباء الدومينيكان من الإقليم الفرنسيّ إلى الموصل أقدم مطبعة تأسّست في العراق» وفق كتابه «تاريخ الطباعة والمطبوعات العراقيّة».

أول كتاب في نحو اللغة العربيّة

قدّمت المطبعة الحجريّة 12 كتابًا، منها: صلوات الورديّة، والصلوات الليتورجيّة السريانية، وطقس القدّاس الكلدانيّ، وملخّص في التواريخ الدينيّة والأصول المسيحيّة وسواها.

من منشورات مطبعة الآباء الدومينيكان في الموصل، العراق. مصدر الصورة: مكتبة الثقافة السريانيّة في فيسبوك
من منشورات مطبعة الآباء الدومينيكان في الموصل، العراق. مصدر الصورة: مكتبة الثقافة السريانيّة في فيسبوك

ويُعدّ كتاب «خلاصة في أصول النحو» (بطريقة جديدة تسهل مأخذها للمبتدئين) الصادر عام 1859 للقس يوسف داود الزبونجي ذا أهميّة خاصة، كونه أوّل كتاب يُطبع في العراق في نحو اللغة العربيّة، بأسلوبٍ حديث مبسّط. وتحتفظ مكتبة المتحف العراقي في بغداد بنسخةٍ منه.

ارتأى الآباء لاحقًا تحديث مطبعتهم بأخرى تلبّي الاحتياجات التعليميّة المتزايدة، فسعوا في شراء أخرى إيطاليّة المنشأ، لتصل إلى الموصل عام 186. وطبعت مئات الكتب الدينيّة واللغويّة والتاريخيّة والعلميّة باللغات: العربيّة، الفرنسيّة، الآراميّة بفرعَيها (الكلدانيّة والسريانيّة) والتركيّة أيضًا، بحسب حبابه.

ومن أبرز مطبوعاتها: اللمعة الشهيّة في نحو اللغة السريانيّة، وكنز اللغة الآرامية (معجم كلدانيّ-كلدانيّ)، ودليل الراغبين في لغة الآراميّين، وذخيرة الأذهان في تاريخ المشارقة والمغاربة السريان، ومجلّدات الفناقيث السبعة بحسب الطقس السرياني.

من منشورات مطبعة الآباء الدومينيكان في الموصل، العراق. مصدر الصورة: مكتبة الثقافة السريانيّة في فيسبوك
من منشورات مطبعة الآباء الدومينيكان في الموصل، العراق. مصدر الصورة: مكتبة الثقافة السريانيّة في فيسبوك

يَعدّ حبابه طبع الكتاب المقدّس باللغتين العربيّة والكلدانيّة «أهمّ وأجلّ ما قدمته مطبعة الآباء الدومينيكان في الموصل». فمنذ سبعينيّات القرن التاسع عشر، سعى الخوري يوسف داود والمطران جرجس عبديشوع خياط والمطران بهنام بني في مراجعة المخطوطات المتوفّرة وتنقيحها وترجمتها ليظهر الكتاب المقدّس مطبوعًا  بأبهى صورة.

أحصى الآباء الدومينيكان مطبوعاتهم فبلغت 565 كتابًا مطبوعًا، فضلًا عن إصدار مجلة «إكليل الورود» بثلاث لغات: العربية والفرنسية والكلدانية.

بسبب ويلات الحرب العالميّة الأولى، غادر الآباء الدومينيكان الفرنسيّون الموصل عام 1914، فاستولت السلطات العثمانيّة على المطبعة وصادرت موجوداتها فانتهى أمرها عقب قرابة 55 عامًا من الخدمة والعطاء.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته