الرموز الدينيّة تحضر في الأزياء التراثيّة لمسيحيّي العراق

أطفال يرتدون الزيّ التراثيّ أطفال يرتدون الزيّ التراثيّ | مصدر الصورة: صفحة متحف التراث السريانيّ

يتفق كثيرون من الباحثين في التراث على ارتباط الأزياء الفلكلورية السريانية بتراثٍ أبعد وحضارة أعمق، ويرون وشائجها عميقة التواصل مع الحضارات النهرينيّة، البابلية الآشورية.

كما يعتقدون أنّ رموز تلك الحضارات لا تزال حيّة عبر الأزياء التراثيّة؛ «فالرسوم والنقوش التي تحفل بها أزياؤنا التراثيّة تكاد تطابق إرثنا الفنيّ الحضاري الموروث عبر الرُّقُم الطينيّة والأختام والنقوش والجداريّات، بكلّ ما فيها من  دلالات تاريخية» كما شرحت الباحثة في التراث السرياني ومؤلفة كتاب «أزياؤنا التراثية: بابلية آشورية» جاندارك هوزايا في حديث إلى «آسي مينا».

قطعة تراثية عمرها 100 عام. مصدر الصورة: هناء قاشا
قطعة تراثية عمرها 100 عام. مصدر الصورة: هناء قاشا

ومع اهتدائهم إلى المسيحيّة، منذ القرون الأولى، دخلت الرموز والصور والأفكار المسيحيّة بقوّة لتحضر بدلالاتها العميقة في نقوش أزيائهم التراثية، لا سيّما في قطعة «الشال» المعروفة محلّيًّا بالـ«جاروكة أو بَصَلْما»، وهي من أجزاء الزيّ التراثي المشتركة لدى مسيحيي العراق بمختلف قراهم وبلداتهم.

الزراعة بأفراحها وأتعابها، الحصاد بسنابله، الأعراس بدبكاتها والكنائس بصلبانها، كلّها حاضرة إذ «تغلب على النقوش الأشكال المستوحاة من الطبيعة، كالطيور والأزهار والأشجار وسنابل القمح، من دون أن تغيب عنها رسوم معبّرة من إيماننا المسيحيّ والغالب عليها الصليب المقدّس، بأشكالٍ متنوّعة، وبيت القربان يعلوه الصليب، والشموع والحمامة وسواها» حسب ما أفادت به هناء قاشا المتمرّسة في الأزياء التراثية البغديديّة في حديث إلى «آسي مينا».

هناء قاشا تحمل صورة الشال المهدى إلى البابا فرنسيس. مصدر الصورة: صفحة او لايف
هناء قاشا تحمل صورة الشال المهدى إلى البابا فرنسيس. مصدر الصورة: صفحة او لايف

وكان لتجربة داعش الإرهابيّ ومعاناة النزوح القسريّ أثرهما البالغ في ترسيخ الارتباط بالأرض وتعميق الإيمان والرجاء المسيحيَّين في قلوب النازحين. «أصبحت كنيسة الطاهرة الكبرى في بغديدا، التي أحرقها تنظيم داعش، حاضرةً بقوّة في الرسوم المطَرَّزة إلى جانب مسبحة الوردية وصور المسيح والعذراء وقلبَيهما الأقدسَين والعائلة المقدّسة ومار بهنام» بحسب قاشا.

كما ترسّخ استحضار صورٍ من حضارة العراق القديمة في تطريز الشال التراثي، ليظهر حمورابي ومسلته والثور المجنّح وقيثارة شبعاد السومريّة وبوابة عشتار وسواها لتعبّر عن جذور المسيحيين العراقيين الموغلة في القدم.

الشال البغديديّ المهدى إلى البابا فرنسيس. مصدر الصورة: هناء قاشا
الشال البغديديّ المهدى إلى البابا فرنسيس. مصدر الصورة: هناء قاشا

الجدير بالذكر أنّ البغديديين أهدوا إلى البابا فرنسيس في خلال رحلته التاريخيّة إلى العراق بطرشيلًا مفعمًا برموز إيمان مسيحيي بغديدا وتراثهم ومصنوعًا بأيديهم، مخيطًا من قماش الشال التقليدي المنسوج يدويًّا باللونين الأسود والأحمر ومطرّزًا بخيط ذهبي اللون. وفي هذا الصدد، تفتخر قاشا بتطريزها شالًا بغديديًّا، في خلال أيّام النزوح عام 2015، حافلًا برموز تراث بغديدا ومعبِّرًا عن مسيحيّتها، هديةً إلى البابا فرنسيس وتذكارًا من مسيحيي العراق.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته