الطقوس الكنسيّة… تجسيدٌ محسوس للحضور الإلهيّ والتدبير الخلاصيّ

القربان المقدّس القربان المقدّس | مصدر الصورة: vetre/Shutterstock

بحسب المعاجم اللغويّة، الطقسُ عند المسيحيين هو نظام العبادات الدينية وأشكالها وشعائرها واحتفالاتها. وبحسب المطران بولس ثابت راعي أبرشيّة ألقوش الكلدانيّة، الطقوس ترتيبٌ تتكامل فيه الكلمة والرمز واللحن والحركات لتقدّم جميعها أحداث التدبير الخلاصيّ وحضور فاعله الحيّ: الله الثالوث.

وتابع ثابت حديثه لـ«آسي مينا» شارحًا ضرورة الطقوس الكنسيّة باعتبارها الجانب المحسوس من الحضور الإلهي وخلاصه، إذ «تنقلنا بقوّتها المُستَمَدّة من الرّوح القُدُس إلى ما يفوق الطبيعة والتصوّر والإدراك، وتُدْخِلنا في العالم الإلهي».

وبناءً على ذلك، لا يرى ثابت أنّ الطقوس نشأت بصورةٍ عفويّة أو مزاجيّة أو لتلبّي حاجةً آنيّة، «بل نتجت من تدبيرٍ إلهيّ اكتمل في التاريخ. وما تحمله من حقيقة، هي حقيقة أبديّة أخذت مكانتها في الواقع الكنسيّ بصورةٍ وشكلٍ وتعبير لا يغيّرها الزمان».

المطران بولس ثابت راعي أبرشيّة ألقوش الكلدانيّة. مصدر الصورة: المطران بولس ثابت
المطران بولس ثابت راعي أبرشيّة ألقوش الكلدانيّة. مصدر الصورة: المطران بولس ثابت

عندما تجتمع الكنيسة لتقدّم عبادتها لله عبر ثوابت طقسيّة، فالله نفسه يكون حاضرًا بين شعبه مانحًا خلاصه الذي أنجزه ابنه الوحيد يسوع المسيح بتجسّده وموته وقيامته، بحسب ثابت.

وأردف: «هذه الثوابت الطقسية التي أرادها الله، تشير إلى أفعالٍ ومواقفَ ثابتة لا تتغيّر. وتغيير هذه الثوابت يعني تشويه الحقيقة ونكران البعد التاريخي للإيمان المسيحيّ باعتباره وحيًا وظهورًا في التاريخ».

وشدّد ثابت على أنّ «قوة الطقوس مستمدّة من قدرتها التقديسيّة، النابعة من الرّوح القُدُس، المقدِّس والمجسِّد لحضور المسيح القائم في الليتورجيا والطقوس. وبالتالي، يعني الحفاظ على الطقوس الاستمرار والمداومة في عيش حياة الإيمان المسيحيّ في ذروته، أي في العبادة الالهيّة».

ورأى أنّ الطقوس باقية بمواصلة ممارستها «فعبرها تعيش الكنيسة حياتها وعلاقتها مع الله. إذ تتقدّس الكنيسة وتنال الخلاص باجتماعها حوله وعبادته. وعبر تلاوة صلواتها صباحًا ومساءً وفي مواعيدها اليوميّة والسنويّة، يتقدّس الزمن. كما تقدِّس المكان حيث تُتلى وتقدِّس حياة المؤمن بحضوره ومشاركته في الأسرار والعبادة، فينقل معانيها إلى حياته ويعيشها حسب كلمة الله التي تجسّدت في الطقوس».

وخلص ثابت إلى القول: «تستمدّ الطقوس تعابيرها وصورها من الكتاب المقدّس، ما يجعلها كتابًا مقدّسًا مُصلّى ومرتّلًا ومتأمَّلًا فيه، ومن خلالها نعيش أحداث الخلاص الواردة فيه. وبجعل الوقائع الكتابية جزءًا من الطقوس، يمكن شرح الحقيقة العميقة عبر صور وتشابيه مستوحاةٍ من التعابير الكتابية الموحى بها إلهيًّا والمثبّتة بالرّوح القُدُس».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته