سينودس الكنيسة المارونيّة يضع إصبعه على جِراح مسيحيّي الشرق

لقطة جامعة بعد اختتام أعمال سينودس الكنيسة المارونيّة في بكركي، لبنان لقطة جامعة بعد اختتام أعمال سينودس الكنيسة المارونيّة في بكركي، لبنان | مصدر الصورة: البطريركيّة المارونيّة

من 5 إلى 15 يونيو/حزيران الجاري تَحلَّق المطارنة والإكسرخوس الموارنة الوافدون من أبرشيات لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار حول طاولة واحدة في بكركي، لبنان. بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي التأم سينودس أساقفة الكنيسة المارونية بدورته العادية في الكرسي البطريركي، حيث حمل الآباء في قلوبهم شؤون أبنائهم وبناتهم وشجونهم وانتظاراتهم وتطلّعاتهم.

بعدما صلّى المجتمعون معًا وأصغوا إلى صوت الله وإلهامات الروح القدس، شكروا لله نعمة القداسة التي جدّدها لكنيستهم بعدما وافق البابا فرنسيس على إعلان قداسة الطوباويين الشهداء الإخوة المسابكيين الثلاثة، وعلى إعلان تطويب المكرّم البطريرك إسطفان الدويهي الذي سيُحتَفل به في بكركي في 2 أغسطس/آب 2024. ثم تدارسوا شؤونًا كنسية وراعوية، متوقّفين بنوع خاص على الشأنَين الاجتماعي والوطني. وفي ختام المجمع، أصدر المجتمعون بيانًا شاملًا. فماذا جاء فيه؟

شؤون الكنيسة

في الشأن الكنسي، تدارس المجتمعون: التنشئة الكهنوتية، والإصلاح الليتورجي، والرزنامة المارونية وكتاب الجنازات وصلوات الأزمنة الطقسية، والمشاركة في سينودس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية عن السينودسية، والشؤون القانونية وخدمة العدالة، والشؤون الإدارية والراعوية.

شؤون الرعايا

في الشأن الراعوي، بحث الآباء أوضاع الأبرشيات في لبنان وبلدان النطاق البطريركي. وتوقفوا على الحاجات المتزايدة التي يواجهها أبناؤهم وبناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية والأمنية المتدهورة، لا سيما في لبنان وسوريا والأراضي المقدسة. وعبّروا عن استنكارهم الشديد لما يتعرض له قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان منذ أكثر من ثمانية أشهر، من قتل وتدمير وتنكيل يصيب المدنيين، الأطفال والنساء قبل سواهم. كما بحثوا أوضاع أبنائهم في بلدان الخليج وحاجاتهم الروحية والكنسية من تأمين كهنة لخدمتهم الراعوية حفاظًا على تقاليدنا وروحانيتنا وتراثنا السرياني الأنطاكي.

وكان تعريج على أوضاع أبرشيات الانتشار، في أوروبا وأفريقيا وأميركا الشمالية والجنوبية وأوقيانيا وحاجات بعضها.

وتوقف الآباء على ظاهرة هجرة أبنائهم الموارنة من لبنان ومن سائر بلدان الشرق الأوسط نحو بلدان الانتشار، وهي في تزايد مستمرّ وتطرح إشكالية تناقص أعدادهم في أوطانهم وتزايد الحاجات الراعوية لخدمتهم في البلدان الجديدة والمضيفة.

شؤون المجتمع والتربية وخدمة المحبّة

تداول الآباء الأوضاع المعيشية المتدهورة في لبنان بسبب الأزمات المتراكمة وضعف القوة الشرائية مقابل ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والأدوية. فضلًا عن الأزمات الاقتصادية والتربوية والاستشفائية. وتوقفوا على واقع المؤسسات الكنسية، بخاصة التربوية والصحية والاجتماعية، التي تمرّ في مرحلة دقيقة وصعبة على المستوى المالي. وشدّدوا على أهمية الحفاظ على مستوى التربية والتعليم في لبنان وإبعاد التدخل السياسي الخطير في المواضيع التربوية، لا سيّما في البرامج التربوية والامتحانات الرسمية.

الشأن الوطنيّ

في الشأن الوطني، جاء في البيان الختامي: «يتعرض لبنان اليوم لأزمة خطيرة تهدّد كيانه وهويته وتضعه في مأزق وجودي مصيري بالغ الخطورة والفرادة في تاريخه الحديث. ولكن لا خوف عليه لأنّه حقيقة حيّة في التاريخ وله دور ورسالة ولأنّ جميع اللبنانيين يعترفون بأنّه وطن حرّ ومستقل ونهائي لجميع أبنائه».

وذكر المجتمعون التدهور الاقتصادي والمالي والاجتماعي، يُضاف إليه النزوح السوري والحرب على الجنوب اللبناني. وثمّن الآباء جهود الدول الشقيقة والصديقة من أجل تحييد لبنان عن النزاعات الإقليمية. ورفضوا رغبة بعض المراجع الدولية في إبقاء النازحين على أرض لبنان من دون الاهتمام لما يجرّه ذلك على لبنان من أخطار مصيرية.

وعن الواقع السياسي، اعتبر الآباء أن لا أولوية تعلو على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية. ولهذه الغاية أعلن الآباء «تأليف لجنة أسقفية تضمّ حكماء وتعمل على التواصل مع جميع الأطراف اللبنانيين، دينيين وسياسيين، وتهيئة الأجواء لإطلاق المسيرة الوطنية لتنقية الذاكرة».

وختم البيان: «يتوجه الآباء إلى أولادهم المنتشرين في جميع أنحاء العالم، ويقولون لهم: أنتم تطلبون منا، نحن الرعاة، شهادة حيّة في عيش خدمتنا الراعوية على مثال المسيح. إنّنا نسمع صراخكم وأنينكم ونتحسّس وجعكم، ولا نستطيع أن نغمض أعيننا عن مآسيكم، ولا أن نصمّ آذاننا عن معاناتكم، ولا أن نجعل قلوبنا من حجر لئلّا نغفل عن مساعدة أيّ فقير ومريض ومظلوم. الكنيسة هي أمّ لكم، ونحن فيها نحبكم ونسعى إلى خدمتكم بكل إمكاناتنا المتوفرة».

تجدر الإشارة إلى أنّ أعمال السينودس انقسمت إلى مرحلتين: الأولى رياضة روحية ألقى عظاتها الأب جورج الترس المرسل اللبناني في موضوع «بالصلاة نواجه الأزمات»؛ والثانية أعمال السينودس استهلّها الراعي بكلمة افتتاحية استعرض فيها جدول الأعمال.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته