نجدة مسيحيّي الشرق تُبلسم نفوس السوريّين بعد تراكُم أزماتهم

من إحدى جلسات الدورات التدريبيّة قبل أيام وتظهر فيها سمعان من إحدى جلسات الدورات التدريبيّة قبل أيام وتظهر فيها سمعان

تركت السنوات الـ13 الماضية حملها الثقيل على السوريين من نواحٍ كثيرة، منها معاناة معظم العائلات السورية الباقية في البلاد «الضغط النفسي». ولم يكن المسيحيون في منأى عن هذه الضغوط، هم الذين يواجهون صعوبات إضافية مرتبطة بمشكلات ديموغرافية ووجودية.

أمام هذا الواقع، التفتت منظمة نجدة مسيحيي الشرق إلى الأذى المحفور داخل المسيحي السوري، والذي طال نفسه وعقله ومشاعره؛ فأطلقت في مدينة حلب دورة تدريبية بعنوان «مهارات التعامل مع الضغوط النفسية والرعاية الذاتية» بإشراف الاختصاصية الاجتماعية والمدربة لُمى سمعان.

وفي حديث خاص إلى «آسي مينا»، أكدت سمعان أنّ الضغوط النفسيّة للناس جاءت نتيجة تراكم أزمات عدة، والبداية كانت مع انطلاق الحرب في سوريا عام 2011، وجميع المخاوف المرتبطة بها.

وأوضحت: «بعد الحرب التي لم ننتهِ منها حتى الآن بشكل كامل، جاءت جائحة كورونا ومن ثم الزلزال. لقد علّمتنا الحرب أنّنا متى كنّا مجتمعين سنكون بخير. أما الكورونا فعلّمتنا العكس، أي أنّ لقاءنا سيشكّل مصدر خطر. كذلك، سقطت فكرة أنّ البيت يساوي الأمان، ليحلّ مكانه بعد الزلزال -بالنسبة إلى كثيرين- الشارع».

وتابعت سمعان: «شكّلت هجرة المسيحيين التي نشطت بعد الزلزال ثقلًا على الأشخاص الباقين في الوطن، أولًا من حيث خسارتهم لأصدقائهم ولمتخصصين في مهن ومجالات عدة؛ وثانيًا لأنّها حفّزت عند الصامدين سؤالًا مفاده: هل سيتبقى مسيحيون في البلاد؟ وهل بقائي قرار صائب؟».

واستنتجت سمعان أنّ الهجرة وضغط الوضع المعيشي الصعب يشكّلان سببَين رئيسيَّين في جعل حياة المسيحي السوري مليئة بالضغوط، خصوصًا مع عدم تلمُّسه أيّ انفراجات بعد ثلاثة عشر عامًا من الحرب.

من إحدى جلسات الدورات التدريبيّة قبل أيام. مصدر الصورة: منظّمة نجدة مسيحيّي الشرق
من إحدى جلسات الدورات التدريبيّة قبل أيام. مصدر الصورة: منظّمة نجدة مسيحيّي الشرق

وعن فحوى الدورة شرحت: «ينطلق التدريب من فكرة أساسية مفادها أنّ هناك أيام رخاء وأيام أزمات، ونحن مدعوون لاكتساب معارف ومهارات تساعدنا في التعامل مع ضغوطنا. وأشدّد هنا على كلمة : "تعامُل" وليس "حلّ"، أي فعل كلّ ما في وسعنا وضمن إطار إمكانياتنا، وتقبُّل وجود أمور ليس باستطاعتنا تغييرها، وتعلُّم كيفية التعايش معها».

وأضافت سمعان: «إذًا التدريب يبدأ باكتساب معارف تجعلنا نفهم أنفسنا أكثر، ونفهم كيف يظهر الضغط سواء كان في جسدنا أم في سلوكنا أم في حالتنا المزاجية... ومن ثم مهارات؛ أي تحوُّل المعرفة إلى أدوات حقيقية يستطيع الأشخاص الاستمرار بممارستها لتصير في النهاية نمط حياة. أما الجزء الآخر من التدريب فيتعلق بـ"الرعاية الذاتية"، وتأكيد ضرورة الاعتناء بأنفسنا سواء في أيام الخيرات أم الأزمات، كي نستطيع بدورنا الاعتناء بغيرنا».

وختمت سمعان حديثها إلى «آسي مينا» بالإشارة إلى أنّ للدورة خدمة متمّمة، متمثلة في الجلسات الفردية للأشخاص الذين حضروا التدريب، لكن بقيت لديهم جوانب ما زالوا بحاجة فيها إلى مرافقة ومشورة نفسية.

يُذكر أنّ منظمة نجدة مسيحيي الشرق تقدِّم هذه الخدمة الاجتماعية بشكل مجّاني تمامًا. وقد بلغ عدد المسجلين حتى الآن نحو 150 شخصًا، قُسموا على مجموعات من عشرة أشخاص، تخضع كلّ واحدة منها إلى تدريب مدته 16 ساعة على مدار أربعة أسابيع.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته