هل يعبد المسيحيّون التماثيل في كنائسهم؟

تمثال للسيّد المسيح أعلى الواجهة الخارجيّة لبازيليك القدّيس بطرس-الفاتيكان تمثال للسيّد المسيح أعلى الواجهة الخارجيّة لبازيليك القدّيس بطرس-الفاتيكان | مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا

شرح الله في سفر تثنية الاشتراع في العهد القديم أولى وصاياه: «لا يكن لك آلهةٌ سواي» (تثنية 5: 7). فقال: «إنّكم لم تروا صورة ما يوم كلّمكم الربّ في حوريب من وسط النار، لئلّا تفسدوا وتصنعوا لكم تمثالًا منحوتًا» (تثنية 4: 15-16). لكن كيف نفهم إذًا وجود تماثيل للمسيح والقدّيسين في الكنائس؟

فقد أوصى الله في سفر الخروج: «لا تصنع لكَ منحوتًا ولا صورة شيء (...) لا تسجد لها ولا تعبدها» (خروج 20: 4-5). والربّ يسوع نفسه حينما رفض السجود للشيطان، أجاب مستشهدًا بالعهد القديم: «للربّ إلهك تسجد وإيّاه وحده تعبد» (متّى 4: 10).

صور رمزيّة تقود إلى الخلاص

استقصت «آسي مينا» الموضوع في حوار مع الأب الكلداني بول ربّان. فأيَّد ما سبق، مستدركًا أنّ «الله أمَر بصنع صورٍ تقود رمزيًّا إلى الخلاص (في العهد القديم)، كالحيَّة النحاسيّة، وتابوت العهد حيث على طرفَي غطائه كروبان (ملاكان) متواجهان بينهما كلّمَ الله الشعب».

واستخلص ربّان أنّ «الوصية لا تمنع صنع تمثالٍ أو صورةٍ تساعد على العبادة، بقدر ما تمنع عبادة التماثيل أو الصور بذاتها وكأنّها هي الإله نفسه».

الكنيسة تحرّم صنع تمثال لله

استنتج ربّان أنّ التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة حرَّم صنع تمثال لله «المُنزَّه عن الجسد والشكل» أو رسم صورةٍ له لتُعبَد. أمّا بشأن تصوير المسيح الذي «ظهرَ لنا اليومَ في الجسد وعاش مع الناس، فيجوز لي أن أرسم صورة ما رأيت من الله. فنحن نعاين مجد الربّ بوجهه المكشوف».

وشرح أنّ الكنيسة أجازت في مجمع نيقية الثاني، عام 787، إكرام أيقونات المسيح ومريم العذراء والقديسين والملائكة. «فقد دشَّن ابن الله بتجسّده نهجًا جديدًا وفهمًا أعمق لوصيّة الله بشأن التماثيل والصور»، على حد تعبير ربّان.

وسيلة تشدّنا إلى الله

شدَّد الأب الكلداني على أنّ إكرام المسيح والقدّيسين من خلال صور وتماثيل ليس سوى وسيلة إيضاحٍ يمكن استعمالها لتشدَّنا إلى الله وتُيسِّر علينا فهم إيماننا. «فتجسُّد المسيح غيَّرَ صورة الإيمان وكشف أنَّ عبادتنا لله وحدَه ينبغي أن تكون بالروح والحق».

وفصّل أنّ «ركوع أحدهم أمام تمثال للمسيح لا يعني عبادة الحجر، بل عبادة من يُمَّثله ذلك الحجر. تمامًا كما نوقِّر صور أحبائنا، فهل نوجّه مشاعرنا لورق الصورة وزجاجها؟ كلّا. ومثله تعليم الكنيسة القائل إنّ الإكرام المسيحيّ المُؤدّى للصور لا يخالف الوصية الأولى».

هل أخطأت الكنيسة بتشريعها؟

عمّا إذا أخطأت الكنيسة بشأن إكرام تماثيل المسيح، الأمر الذي لم يوصِ به الربّ، قال ربّان إن الربّ لم يوصِ ببناء كنائس ولم يأمر بالصوم وسواه من العبادات. وتابع أنّ الكنيسة لم تُخطئ في اشتراع ذلك. فالكنيسة، على حد قوله، جسد المسيح، يقودها ويرشدها الروح القدس إلى الحقّ كلّه «بموجب العقيدة الموحاة إلهيًّا لدى آبائنا القدّيسين، وتقليد الكنيسة الكاثوليكيّة الذي نعرف أنّه تقليد الروح القدس الساكن فيها».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته