الأب جان بول شربل، كاهن لبناني من أبرشيّة صيدا المارونيّة، يخدم في الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة في غزير بصفته مسؤولًا عن طلّاب سنوات تنشئة الفلسفة.
يطلّ شربل اليوم عبر «آسي مينا» ليُخْبِرنا عن العذراء مريم الشاهدة على تاريخ الخلاص.
غياب مريم دليل إيمانها
ينطلق الأب جان بول من حدث قيامة يسوع. يقول: «نجد غيابًا للعذراء، في نصوص القيامة لدى الإنجيليّين الأربعة. لكن نلحظ وجودًا لمريم المجدليّة والنسوة اللواتي حضرنَ فجر الأحد إلى القبر ليطيّبنَ جسد المسيح». ويتساءل: «ألم تكن العذراء مشتاقة لمعانقة ابنها وتطييب جسده؟».
ويُتابع شربل: «غيابُها دليل ساطع على إيمانها بقيامة ابنها، فهي كانت تعلم أنّ القبر فارغ. كما دخلت في مشروع الله، منذ قولها نعم، حتى صعود الربّ». ويكشف: «العذراء هي مدرسة إيمان لكلّ شخص متألّم أو حزين، يهاب الموت. فمريم تقول: "كما أنّني لم أذهب إلى القبر، لأنَّني أومن بأنّ ابني حيّ، كذلك أنتم، أموات إنّما أحياء في قلب ابني الذي جاء ليعطيكم الحياة، ويقضي على هيبة الموت". هذه هي الخليقة الجديدة التي تحقّقتْ بموت المسيح وقيامته، فانتصرنا بذلك على الخطيئة التي دمّرها الربّ بصليبه، ومعه عَبَرنَا إلى حياة جديدة».
مريم في الأناجيل الأربعة
يُخْبِر شربل: «ورد ذكر العذراء لدى الإنجليّين الأربعة. فجاءت نصوص البشارة بشكل رائع بحسب لوقا. وكما شَهدت العذراء على ولادة الربّ، شَهدت أيضًا على ولادة الكنيسة وانطلاق الرسل بالرسالة».
ويُضِيفُ: «مثلما رقص داوود أمام تابوت العهد، هكذا رقص الجنين يوحنا المعمدان فرحًا أمام الجنين الطفل يسوع أي الله بذاته (لوقا 1: 41)»، وهكذا التقى العهدان القديم والجديد.
ويُكْمِلُ الأب جان بول: «حين انتبهت مريم في عرس قانا الجليل (يوحنا 2: 1-12)، لنقص الخمر أي حاجة البشريّة إلى فرح جديد، وهو فرح لا يتحقّق إلّا بيسوع، قالت للخدم: "افعلوا ما يأمركم به"، أجابها الربّ: "لم تأتِ ساعتي بعد، لأُحوِّل الخمر إلى فرح حقيقيّ". وهذا ما سيحصل على الصليب. وبعدها، نرى العذراء واقِفةً عند الصليب (يوحنا 19: 25)، تشهد على العرس الحقيقيّ، حين خاطب الربّ البيعة بدمه وصليبه وموته وقيامته».
رموز مريميّة في العهد القديم
يردف شربل: «ترمز العذراء إلى حواء الجديدة. وهي عكس حواء القديمة التي أعطت ثمرة الخطيئة والمعصية للعالم أجمع. فالعذراء، أي حواء الجديدة، منحتنا الثمرة المباركة، أي المسيح، ومن يأكل من هذه الثمرة لن يموت أبدًا (يوحنا 6: 56)».
ويُضيف: «في العلّيقة المشتعلة (خروج 3: 2-3)، ترمز النار إلى يسوع، وهو الحضور الإلهيّ في قلب الصبيّة مريم. وتابوت العهد (خروج 25) كان يحتوي على شجرة المنّ وعصا هارون ولوح الوصايا، وهي علامات على حضور الله بين شعبه، فأصبحت مريم، من حلّ ابن الله في أحشائها، رمزًا له. فأشارت جميع هذه الرموز وغيرها إليها».
ويَختمُ الأب شربل حديثه لـ«آسي مينا» رافعًا صلاة إلى العذراء قائلًا: «يا مريم، أنت مدرسة صلاة. علِّمينا في لحظات المحَن، كيف نصغي لإرشادات يسوع، وشجاعة الدخول في مشروعه الخلاصيّ، وكيف ننمو كلّ يوم بحريّة وحبّ بمحبة يسوع».
دكتورة في اللغة العربيّة وآدابها. كاتبة وأديبة، في رصيدها كتابان، وهما: "عيون بلون المغيب"، و"أزاهير المستحيل". مُؤسِّسة جوقة "السراج" التي تضمّ مجموعة من الأشخاص المكفوفين والمبصرين.
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
اشترك في نشرتنا الإخبارية
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته
مريم لا تنفصل عن الكنيسة؛ مريم متّحدة اتّحادًا وثيقًا بالكنيسة، مريم تصلّي مع الكنيسة وهي صورة الكنيسة، ومِثالًا لكلّ مؤمنٍ كونها التلميذة الأولى في مدرسة الإيمان لدى ابنها يسوع. من هنا نحتفل بعيد "مريم العذراء أُمّ الكنيسة"، واحدٌ من أجمل الألقاب المُعطاة لمريم العذراء. "إنّ العذراء التي عهِدنا إليها يسوع كأُمّ، هي تضمُّنا جميعًا؛ ولكن كاُمّ، وليس كإلهة، ولا كشريكة بالفداء: ولكن كأُمّ… مريم حاضرةٌ هناك، تصلّي من أجلنا، وتصلّي من أجل من لا يصلّي. تصلّي معنا. لماذا؟ لأنّها أمُّنا" (عظة البابا فرنسيس في عيد البشارة، 24 مارس/آذار 2021).