رغم أمواج الأزمات العاتية التي تقتحم حياة اللبنانيين، أراد جو عبد الساتر أن يُظهِر صلابة إيمانه من خلال نسج مسبحة وجعلها تعوم في بحر بلدة البوار اللبنانية.
نفّذ عبد الساتر مبادرته بمساعدة الأقارب والأصدقاء، وأطلقها ضمن قداس احتفالي بعيد سيدة البحار الأسبوع المُنصَرِم.
ولمزيد من المعلومات عن المشروع، أجرت «آسي مينا» مقابلة مع عبد الساتر وكاهن رعية مارت تقلا ومار يوحنا البوار الأب فرز طوق.
العناية الإلهية تيسّر الأمور
يدرّس عبد الساتر مهارة السباحة ويقيم بمحاذاة الشاطئ. وذات يوم، تراءت له صورة المسبحة الوردية المقدسة على سطح المياه وهو يتأمّل البحر. تكرّر المشهد على مدى ستة أشهر، فطرح مبادرة إنشاء مسبحة عائمة على كاهن الرعية الأب فرز طوق ورئيس البلدية. فنال الموافقة وباشر المشروع، لكنّ المبادرة لم تكن سهلة التنفيذ.
كثُرت الأسئلة والخطط والاستراتيجيات لدى عبد الساتر، إلّا أنّ العناية الإلهية يسّرت الأمور في نهاية المطاف. فاستخدم خشبًا للصليب وغالونات صغيرة من البلاستيك الأبيض لتجسيد حبوب المسبحة الصغيرة التي تُتلى فيها صلاة «السلام عليك». أمّا لصلاة «الأبانا» فاستخدم غالونات كبيرة لونها أزرق.
مئة متر مضاءة إكرامًا لمريم
قال عبد الساتر: «ظهرت المسبحة عائمةً على سطح المياه في صورة التُقِطَت من السماء». فبدا المشهد رائعًا من فوق. مسبحة تمتدّ على مئة متر وحبوبها مُضاءة.
وأردف: «تُظهر المبادرة قوة إيماننا رغم موج البحر». فهو غطس إلى عمق البحر وربط حبوب المسبحة بحبال مثبّتًا إيّاها بصخور. «وحبّذا لو بقيت المسبحة في المياه حتّى نهاية الشهر المريمي. لكنّني أُجبِرتُ على نقلها إلى اليابسة بسبب ارتفاع الموج. وأدرس فكرة إعادتها ما إن تهدأ حركة المياه»، على حد قوله.
مؤمنون يشبهون حبّات المسبحة
بدوره، أكّد خادم رعية مارت تقلا ومار يوحنا البوار، الأب فرز طوق، أنّ المبادرة تُظهر تقدير مسيحيّي لبنان لمكانة مريم العذراء. وأوضح: «اغتنمنا الفرصة لجمع أبناء الرعية والاحتفال بالقداس الإلهي عربون شكرٍ لسيدة البحار. فالمبادرة تعكس إيماننا الكاثوليكي الشرقي بمريم التي قالت نعم وفاضت النِعَم».
وأضاف: «حبّات المسبحة إن تفرّقت فقدت جوهرها. والمؤمنون يشبهون حبّات المسبحة، فالجماعة مدماك هويتنا المسيحية». وفسّر طوق أنّ اللقاء كان لشكر الله وتسبيحه على عظمة أعماله.
أمواج الدهر لن تجرف الجماعة
ختم طوق حديثه إلى «آسي مينا» قائلًا: «أمواج الدهر العاتية تجرف المؤمن إن كان وحيدًا. لكنّه إن سار مع الجماعة، سيلاقي دعمًا في مواجهة الموج. ويسوع الحاضر في وسط سفينة حياتنا قادر على تهدئة العاصفة. وهو يذكّرنا بأهمية الإيمان والأسرار ومساعدة الآخرين. فنغدو كمريم الواثقة تحت أقدام الصليب بأنّ الفداء هو البداية وليس النهاية».
تجدر الإشارة إلى أنّ هذه المسبحة العائمة هي الأكبر في العالم. وأرسل عبد الساتر بريدًا إلكترونيًّا إلى مؤسسة غينيس للأرقام القياسية لعلّ الإنجاز يُدرج في الكتاب.