بيروت, الجمعة 3 مايو، 2024
لا تخلو زاوية في القرى المسيحيّة على الحدود اللبنانية الجنوبيّة من مزار أو تمثال للسيّدة العذراء. هناك، وعلى وقع القصف المتفاقم حينًا والمتراجع حينًا آخر، لا تهدأ الصلوات ولا تصمت الأجراس ولا تنقطع القداديس. وفي خلال الشهر المريميّ (مايو/أيّار)، يلتجئ مسيحيّو القرى المتاخمة للشريط الحدودي الصامدون في أرضهم إلى أمّهم، مريم العذراء.
بكثيرٍ من الأمل، يصلّي آلاف المسيحيين الراسخين في بلداتهم المشتعلة أطرافها للسيّدة العذراء. يتجمّع هؤلاء بالمئات أمام مزارات تحمل اسمها وتحتضن صورًا وتماثيل لها ليرفعوا رؤوسهم وتضرّعاتهم إليها. كلّ ما يريده هؤلاء أن يعيشوا بسلام في بيوتهم؛ ألّا يناموا على دويّ القصف ويستفيقوا على الصوت نفسه؛ ألّا يعيشوا حربًا لا شأن لهم فيها؛ ألّا يهجروا بيوتهم وأرزاقهم قسرًا؛ أن يعود أولادهم إلى مدارسهم؛ أن تعود أشغالهم إلى ما كانت عليه قبل القصف والدمار. ببساطة، يريد هؤلاء أن تكون حياتهم طبيعيّة بلا قلقٍ يوميّ من الحاضر السيّئ والآتي الأسوأ.
في بلدة رميش الحدودية (قضاء بنت جبيل) يبدو المشهد خاشعًا. في مزار أمّ المراحم سلطانة الشهداء، يحتشد أبناء رميش وبناتها على امتداد الشهر المريميّ. استقبل هؤلاء الشهر المبارك بقدّاس إلهيّ وبتلاوة صلاة المسبحة على مرأى من تمثال السيّدة العذراء. وكتب الأهالي في الصفحة التابعة للبلدة في فيسبوك: «أمّ المراحم، أمّ السلام والرحمة، نستمدّ القوة من رحمتك العظيمة.... بقوّة الإيمان والصبر والتضرّع سيحلّ السلام في الجنوب يومًا بعد يوم».