أعلن البابا فرنسيس صباح اليوم أنّ «الله لا يريدنا قدّيسين فحسب، بل قدّيسين أذكياء؛ فإن نقصت الفطنة عندنا نتوه بسرعة».
فقد أجرى الأب الأقدس المقابلة العامة الأسبوعية في ساحة القديس بطرس-الفاتيكان.
وتابع سلسلة التعليم في الرذائل والفضائل متوقّفًا عند فضيلة الفطنة.
تبعات نزلة البرد مستمرّة
بعد جولة بين المؤمنين المحتشدين في الساحة، لم يقرأ الحبر الأعظم تعليمه. فقال: «سألت المونسنيور (بييرلويدجي جيرولي) قراءة كلمتي لأنّني ما زلت غير قادر على ذلك». وفي ذلك إشارة إلى حالته الصحّية. ففرنسيس، البالغ من العمر 87 عامًا، مصاب بنزلة برد أدّت إلى إلغاء مواعيد عدّة له الشهر الفائت.
ما هي فضيلة الفطنة؟
قرأ جيرولي تعليم البابا عن الفطنة. وفيه فسّر الحبر الأعظم أنّ «الشخص الفَطِن خلّاق: يفكّر ويقيّم ويبحث عن فهم تعقيدات الواقع ولا يدع العواطف والكسل والضغوط والأوهام تطغى عليه».
وذكر الأب الأقدس أنّ الفطنة تشكّل مع العدل والقوّة والقناعة الفضائل الإنسانيّة الرئيسيّة الأربع. وقد تحدّث عنها عالم الحكمة اليونانيّة القديمة. وأشار إلى أنّ شرح هذه الفضائل الأربع أتى في العصور الوسطى بتناسق مع الفضائل الإلهيّة الثلاث، المحبّة والإيمان والرجاء. وقد رأى المفكّرون في هذه الفضائل السبع كيانًا حيًّا تتناغم كلّها فيه.
الفطنة ليست التردّد
أوضح فرنسيس أنّ الفطنة ليست فضيلة الشخص الخائف المتردّد في خياراته، كما أنّها ليست الحذر فحسب. لكنّها تسليم أفعال الإنسان إلى «العقل والحرّية». ودعا إلى استرجاع سُبل العيش بفطنة في عالمنا الموسوم بالمظاهر والأفكار السطحيّة والتفاهات.
وأشار إلى أنّ القديس توما الأكويني شرح الفطنة، بحسب المنطق الأرسطي، على أنّها قدرة السيطرة على أفعالنا لتوجيهها نحو الخير. ويعي الفَطِن أنّ الحماسة المفرطة قد تولّد المصائب والمشكلات وسوء الفهم، وفي بعض الأحيان العنف أيضًا.
وأردف البابا أنّ الفَطِن بعيد النظر يجمع الموارد اللازمة للوصول إلى الهدف المحدَّد. وأعطى أمثلة عدّة من الإنجيل المقدس تكشف ماهيّة الفَطِن، منها: بناء البيت على الصخر لا على الرمل (متّى 7: 24-27)، والعذارى الحكيمات (متّى 25: 1-13). واقتبس قول المسيح لتلاميذه: «هأنذا أُرسِلُكم كالخراف بين الذئاب: فكونوا كالحيّات حاذقين وكالحمام ساذجين» (متّى 10: 16).
في القسم الأخير من المقابلة، سلّم الأب الأقدس «شعوب أوكرانيا المستشهَدَة والأراضي المقدّسة، فلسطين وإسرائيل، الذين يعانون ويلات الحرب» إلى القدّيس يوسف، خطّيب مريم، الذي احتُفِل بتذكاره الليتورجي أمس. واختُتِمَ اللقاء بصلاة الأبانا والبركة الرسوليّة.
أكّد البابا فرنسيس أنّ محاربة التكبّر تتطلّب جهدًا أكبر من أي معركة روحيّة أخرى يُدعى إليها المسيحيّ. فالتكبّر هو ادّعاء الألوهيّة، على حدّ تعبيره. وأشار إلى أنّ الرهبان القدامى في تحليلهم للرذائل اعتبروا التكبّر «ملك الرذائل الأعظم».