الموصل, الأحد 3 مارس، 2024
لا أثر للدير الأعلى في الموصل العراقيّة اليوم، لكنّ اسمه وتراثه باقيان؛ إذ يعدّ أحد أشهر أديار المشرق بل المرجعيّة المنظّمة لصلوات كنيسة المشرق وطقوسها. وتقوم في موضعه اليوم أطلال كنيسة الطاهرة للكلدان.
تخبرنا المصادر التاريخية أنّ «موقع الدير الأعلى هو في الشمال الشرقيّ من مدينة الموصل داخل الأسوار المندرسة، ملاصقًا للقلعة العليا (باشطابيا) وهو معروف باسم الدير الأعلى أو دير الأعلى أو دير مار كبريال أو كوريال ومار أبراهام»، بحسب كتاب «الدير الأعلى وكنيسة الطاهرة-نبذة تاريخيّة» للأب د. يوسف حبّي.
وكان البطريرك إيشوعياب الثالث الحديابي يعيش في الدير. والمؤكّد أنه كان عامرًا عام 650، ومن الخطأ الاعتقاد أنّ الكشكريّ المتوفى عام 738 هو مؤسِّسه. أمّا التسمية فيُرجعها أغلب الباحثين إلى «غير كبرييل الكشكريّ، ولعلّه شهيد عاش ما بين الجيلَين الرابع والسادس. ومنذ عهد طيمثاوس الجاثليق (780-823) عُرف الدير أيضًا باسم مار أبراهام، لانتقال مار أبراهام بردشنداد أستاذ طيمثاوس في باشوش، إلى الدير الأعلى».
عرف الدير أوْجَه في الجيلَين التاسع والعاشر، بل غدا مركز الثقل في كنيسة المشرق وأشبه بمَجمَعٍ لطقوسها. يقول عنه الشابشتي في كتابه «الديارات» مستشهدًا بكلام ياقوت الحمويّ: «دير كبير عامر "يضرب به المثل في رقّة الهواء وحسن المستشرف، ويقال أن ليس للنصارى دير مثله، لما فيه من أناجيلهم ومتعبّداتعهم" وفيه قلّايات كثيرة لرهبانه».