واليوم، وإن كانت الآرامية لم تنل اهتمامًا كافيًا بها في التعليم بسوريا، إلا أنّ ذلك لا ينطبق على السريانية. فهذه الأخيرة تعززت في مدينة حلب تحديدًا عندما نزح إليها السريان الهاربون من بطش العثمانيين. وجرى لاحقًا بناء مدرستَي بني تغلب الأولى والثانية بهدف الحفاظ على لغة الأجداد وثقافتهم. ويدرس اليوم في هاتَيْن المدرستَيْن تلاميذ من جميع المذاهب والكنائس.
السريانيّة في المراحل الدراسيّة المختلفة
في حديث خاص إلى «آسي مينا»، أوضحت الملفونيتو، أي الأستاذة، ميرنا طاشجي كربوش، مديرة مدرسة بني تغلب الثانية أنّ «تعليم اللغة السريانية يبدأ في مرحلة الروضة ويشمل الأغاني والصلوات والأحرف والأرقام حتى العشرة. وفي الابتدائية يتعلّم التلميذ بجدّية أكبر القراءة والكتابة والإملاء والقصائد. فتدخل درجتها ضمن مجموعه النهائي، وذلك بعد اختباره بها شفهيًّا وكتابيًّا. أما في الإعدادية والثانوية فينصبّ التركيز على قواعد اللغة وآيات الكتاب المقدس والمزامير».
وأشارت كربوش إلى إحاطة التلاميذ باللغة طوال فترة وجودهم في المدرسة. فيصلّي كلّ صف، مثلًا، قُبيل بدء الحصة الأولى «الأبانا» بالسريانية. ويحيّي التلميذ مدرّسه بها، ويناديه بلقبه السرياني ملفونو وملفونيتو (أي أستاذ وأستاذة). كما أنّ لافتات الصفوف ومرافق المدرسة كافة مكتوبة باللغتَيْن العربية والسريانية.
مسيحيّون ومسلمون يتعلّمونها
من جهته، شرح والد طالبة في مدرسة بني تغلب الأولى عماد شعبو عبر «آسي مينا» مدى سعادته وزوجته لتمكّن ابنتهما ميرا (9 سنوات) من تعلّم السريانية وانتسابها إلى الكورال السرياني. وهو ما لم يكن متاحًا له في خلال طفولته رغم معرفة أبيه باللغة. وأشار إلى أنّ ميرا تتعلّم هذه اللغة بكلّ حبّ وسعادة وفخر مثل جميع أبناء جيلها لإدراكها أنّ السريانية لسان أسلافها.