ثانيا : خمسة ايام فقط قبل الحكم بالاعدام حدثت ثورة جديدة وإضطرابات من اليهود ومن رجال الدين بالذات ضد بيلاطس شخصياً لانهم كانوا يرفضون تعليق لوحات مرسوم عليها صورة قيصر في الطرق العامة وأمام المجمع لأن في ذلك الوقت كان الإمبراطور الروماني تيبير هو قيصر روما. وكانت حجة اليهود ان عقيدتهم لا تسمح بتعليق الصور ولا التماثيل لبشرٍ فى مدينتهم و بجوار مجامعهم ، و تظاهروا وثاروا على بيلاطس الذى أمر بوضع هذه الرسومات واللوحات ولاءً لقيصر، لكنه لجأ الى قمع المتظاهرين مثل عادة الحكام الرومان وهدد بأنهم لو لم ينصرفوا و يتفرقوا من الساحات العامة سيطلق عليهم الاهالي والحرس وقواته لضربهم وقتلهم اذا استدعى الامر. لكن اليهود صمموا على خلع جميع صور الامبراطور تيبير لمخالفة الصور لعقيدتهم ولو كلفهم ذلك الموت . وماكان من بيلاطس الا أن إمتثل لهم لتجنب مذبحة واضطرابات وأزال كل الصور والرسومات مقابل فض الانتفاضة و التظاهرات فوراً.
ثالثاً : يفسر لنا هذا الموقف ماحدث بعد ذلك مباشرة بأيام عندما حَمَّل اليهود بيلاطس مسؤولية خيانة قيصر اذ قالوا له ان يسوع يدّعي نفسه ملكاً ولو لم تصلبه فأنت "لستَ محباً لقيصر" و لست وفياً للامبراطور.
وكان بيلاطس معيناً من قِبَل الامبراطور حاكماً لليهودية منذ خمس سنوات فقط وهو من طبقة النبلاء و على تواصل دائم مع الامبراطور . و من هنا كانت حيرة بيلاطس لأنه من ناحية لم يجد فيه علة كما اعلن، ومن ناحية اخرى خشيَ من ثورة اليهود ضده مرة أخرى بعد ثورتهم السابقه بسبب لوحات وصور الامبراطور. و خشيَ غضب الامبراطور عليه لو علم بالحالة الامنية و الثورة ضد روما فى اليهوديه للمرة الثانية وفى منطقه تعتبرها روما بلاد البرابرة والهمج.
لذا حكم بيلاطس عليه بالموت تحسباً لثورة اخرى وكعادة الرومان فى قضايا الفتنة الدينية والسياسية العقوبة هي الصلب فكان يسوع كبش الفداء ليس بالمعنى اللاهوتي فقط وإنما بالمعنى الانساني والسياسي ايضا.
*المصادر الاصلية للمؤرخين الثلاثة مكتوبة باللغة اللاتينية القديمة وليس باللاتينية الحديثة والترجمات بالايطالية والفرنسية موجودة ومتاحة في طبعات قديمة في المكتبات الجامعية العريقة.
ناشطة تربوية واجتماعية ونفسية وكنسية، حاصلة على بكالوريوس علوم نفسية وتربوية. معلمة تعليم مسيحي، مكرسة في مرحلة الابتداء في الاخوّة العلمانية الدومنيكية. عضو الهيئة الدولية لعلماء التنمية البشرية. شهادات كتابية ولاهوتية معمقة.