" فقالَ الرَّبّ: ((إِنّي قد رَأَيتُ مذَلَّةَ شَعْبي الَّذي بِمِصْر، وسَمِعتُ صُراخَه بسَبَبِ مُسَخِّريه، وعَلِمتُ بآلاَمِه، فنزَلتُ لأَُنقِذَه مِن أَيدي المِصرِيِّين وأُصعِدَه مِن هذه الأَرضِ إلى أَرضٍ طَيِّبةٍ واسِعة، إلى أَرضٍ تَدُر لَبَناً حَليباً وعَسَلاً" ( الخروج 3: 7-8).
ان هذه الارض هي صورة وقتية لما سيكمله الله, كما ان الفصح الاول كان صورة ونموذجا يحتاج الى تحقيق نهائي, كذلك ارض الميعاد هي صورة سوف تكتمل بمعنى اشمل واعمق واكثر استمرارية. ارض الميعاد الحقيقية هي ملكوت الله التي فيها سوف يكتمل فصح الانسانية الجديد. الانسانية مدعوة لتعبر مع المسيح محدوديتها الزمنية والوجودية نحو واقع القيامة الذي هو الانسان الجديد الحي والذي يعيش في شراكة وتواصل تام مع الله. ان المؤمنين المسيحيين قد عبروا بحرا من خلال مياه المعموذية, بعماذنا عبرنا من الموت الى الحياة, ولكن هذه الحياة يعاش قسما منها هنا وتكتمل اخيرا في ملكوت الله يوم يكون الله كلا في الكل ( 1 كورنتس 15: 28). ما بين العماذ وما بين الاكتمال النهائي توجد الحياة التي نعيشها هنا على الارض. هذه هي مثل مرحلة عبور البحر الاحمر لبني اسرائيل وقبل دخولهم الى ارض الميعاد. انها الصحراء التي ساروا بها اربعين سنة. بني اسرائيل سقطوا في هذه الصحراء وفي هذا الاختبار, ليس لان الله لم يستطع ان يكمل معهم, ولكنهم لم ينجحوا هم في العبور من المفهوم الخاطئ الذي كان لهم عن الله نحو الصحيح. نراهم يقيمون اصناما ويقعون فريسة للمغريات التي تشوه صورة الله والانسان معا. مسيرتهم هذه هي مثال للمؤمنين المعتمذين الذي عبروا من الخطيئة الى الحياة, فالوصول الى الارض الموعود به هو مرهون بطبيعة المسير في صحراء هذا العالم, مار بولس يحذرنا عندما يقارننا مع هؤلاء:
" ومع هذا فَإِنَّ اللهَ لم يَرْضَ عن أَكثَرِهِم، فسَقطوا صَرْعى في البَرِّيَّة. وقد حَدَثَ ذلك كُلُّه لِيَكونَ لَنا صورةً، لِئَلاَّ نَشتَهِيَ الأَشياءَ الخَبيثةَ كما اشتَهاها هؤُلاء"
( 1 كورنتس 10: 5-6). اننا قد عبرنا الموت بعماذنا الذي هو ثمرة فصح المسيح, ولكن نحتاج لنكون دوما امناء له ليتحقق عبورنا النهائي نحو الملكوت.