بيروت, الأربعاء 13 أبريل، 2022
كانت "مريم المجدليّة"، الملقّبة بالمجدليّة، امرأة معروفة بجمالها، فسكنها سبعة شياطين، وأصبحت ترمز إلى الخطيئة. ولكنها يوم عرفت المسيح، في الصّميم، حرّرها من تلك الشّياطين، ونالت بذلك نعمة الشفاء والغفران. ووضعت مجدها الأرضي في خدمة المجد الإلهيّ.
تأثّر الكثير من الأدباء بسيرة المجدليّة، فكل منهم تناول قضيّتها بأسلوبه الفنّيّ المختلف عن الآخر. وفي التّأمّل في ملحمة "سعيد عقل" للمجدليّة، وهو نظمها في قصيدة طويلة مستمدة من الكتاب المقدّس/ العهد الجديد. ولم يرَ "عقل" فيها ما رآه النّاس من دعارة وفساد، إنّما كائنًا ساميًّا، ارتكب الخطيئة، ومن ثم تاب. وبعدها هي تساوت لديه مع "يسوع" روعة وجمالًا وروحًا صافية، تصبو إلى التّلاقي معه، فتتطهّر في نعمة المحبّة والقداسة، لتنال بركته، بعدما صبغت بنعمة التّوبة. فلقد خلقت المجدليّة في رأي "سعيد عقل" الحبّ والفرح، معبّرًا بذلك، عن تلاقي هاتين النّعمتين مع التّعاليم المقدّسة، في الدّيانة المسيحيّة، كما تمكّن من ترسيخ المفهوم المتعلّق بالبعد الإنسانيّ لهما في ملحمته، فضلًا عن تجلّي سمته كشاعر يحبّ الفرح.
نجح "سعيد عقل" في عمليّة خلقه لقصيدته، فرسم المجدليّة من خلال فكرة متجدّدة، ناصعة البياض ومكلّلة بالنّقاء، وهي تحاكي النصّ الدينيّ الأول. أضف إلى ذلك، لعلّ العلاقة التّسامحيّة التي أنتجتها القصيدة بين المسيح والعبد، قد منحت القارئ، مساحة من الارتياح والرّجاء، كونه يخاف ويجهل مصيره ما بعد الحياة وما هو المنتظر.
اعتمد الشّاعر التّسلّسل المنطقيّ في تسجيل أحداثه، وصولًا لبلوغ الفكرة المحوريّة أيّ الأخلاقيّة في هذه الملحمة، وهي التّوبة، التي أنعم بها اللّه على المجدليّة، فتوّجت فرح القداسة. وهذا الأمر يدفع بالعقل البشريّ إلى التّسلح بالتّسامح والمحبّة في علاقاته الإنسانيّة.