بيروت, الثلاثاء 12 أبريل، 2022
"إنّ القلب بعواطفه المتشبّعة يماثل الأرزة بأغصانها المتفرّقة، فإذا ما فقدت شجرة الأرز غصنًا قويًّا تتألم، ولكنها لا تموت بل تحوّل قواها الحيوية إلى الغصن المجاور لينمو ويتعالى ويملأ بفروعه مكان الغصن المقطوع" (جبران خليل جبران).
ننطلق من هذا القول، لنعبر نحو الغوص في تجربة "بطرس"، فلقد كان من أكثر التلاميذ اندفاعًا ونشاطًا وخدمة في حياته. كما كان يتميّز بصراحته إلى أبعد حدود، مع الرّبّ "يسوع"، وما يفكر به يقوله على الفور، ومن دون تردّد. وهو أكّد للمسيح على حبّه له ثلاث مرّات ليلة العشاء السّريّ. وهو من أراد السّير على وجه المياه العاصفة فقط كي يكون بقرب ربّه...
يمثّل القدّيس "بطرس" في تجربته هذه، حال كلّ إنسان في مسيرته الإيمانيّة مع الرّبّ، على هذه الأرض. لقد تأمّل الكثيرون في كيفيّة إنكاره، في كلماته ونظراته، ولكن أحدًا لم يفكر ماذا كان يدور في فكره وماذا كان يشعر، في تلك اللحظات، وهو يتلفّظ بعبارات إنكاره للمسيح!... وهذه الحالة وما فيها من ألم، يجيد "جبران خليل جبران" رسمها بقوله: "أنا غريب عن هذا العالم، أنا غريب وليس في الوجود من يعرف كلمة من لغة نفسي".
من الصّحيح أنّ "بطرس" أنكر الرّبّ، ولكن هذا الواقع حصل في وقت غير مناسب، وهو يحيا الصّراع الموجع، ويطرح التّساؤلات حول إيمانه الرّاسخ برّبّه من جهة، وحول ما يجري مع سيّده، وهو مكبّل نصب عينيه من ناحية أخرى!... فهو يراه يخضع للسّلطة البشريّة، وهو من حرّر الكثير من قيودهم!... وبينما كان يتخبّط مع هذه الحقائق، في داخله، طلب منه أن يقرّ بالحقيقة، ويقول إنّه كان من تلاميذه. لحظتها ومن دون تفكير أنكر معرفته به لثلاث مرّات، وبعد صياح الدّيك تذكّر ما قاله له "يسوع"، فراح يبكي ويتألم... "فالدّموع هي مطافئ الحزن الكبير" (أمين نخلة).