- إنّه يحمي قيمة الشخص البشريّ، التي لا بديل عنها.
- إنّه يعزّز حقوقنا الأساسيّة.
5. يقدّر البابا فرنسيس المساهمة التي يقدّمها للبشريّة التقدّم العلميّ والتكنولوجيّ. ذلك أنّ هذه المكتسبات تقدّم خدمة ثمينة للأشخاص وكرامتهم وحقوقهم. ولكن إذا كان المقياس التقنوقراطيّ القاعدة الوحيدة التي تحكم الذكاء الاصطناعيّ من أجل الربح والمصالح الفئويّة، فإنّه يشكّل في هذه الحالة أخطارًا جانبيّة أهمّها: عدم المساواة، والظلم، والنزاعات. أمّا التحديات التي يولّدها الذكاء الاصطناعيّ فلا تنحصر في المساحات التقنيّة، بل تشمل أيضًا المساحات الأنتروبولوجيّة والتربويّة والاجتماعيّة والسياسيّة.
6. وثمّة أخطار أشار إليها قداسة البابا، أهمّها ثلاثة:
أ) استعمال الذكاء الاصطناعيّ لغايات الحرب، مع تبرئة المسؤوليّة البشريّة عن مسرح الحرب. ب) تهديد العدالة الاجتماعيّة في حقل العمل حيث جاءت الآلة الذكيّة لتحلّ محلّ العامل، وتلغي بالتالي كثيرًا من مجالات العمل، وفي الوقت عينه تسبّب ازديادًا في عدد الفقراء. ج) على مستوى وسائل التواصل، يقدّم الذكاء الاصطناعيّ وسائل جديدة لتبديل الكلمات وتغيير الصور وتركيبها من أجل إيصال الخبر المختلف. وبذلك يوضع النظام المدني والحكم الديمقراطيّ في خطر.
7. المطلوب حيال هذه الأخطار تربية الشبيبة على حسن استعمال الوسائل التقنيّة الجديدة، وعلى تقييم نتائجها. فالتقنيات الجديدة هذه تتطلّب سهرًا ومراقبة في جميع مراحل تكوينها: من تصميمها إلى التجارة بها، وحتى استعمالها الفعليّ. فمن أجل انتظام الذكاء الاجتماعيّ واستعماله بنوع مسؤول، يجب وضع قواعد فاعلة في داخل كلّ دولة، بالإضافة إلى اتفاقيّات موسّعة ومعاهدات ملزمة بين الدول. والكلّ يهدف إلى حماية حقوق الإنسان الأساسيّة، والحقوق الاجتماعيّة والاعتناء ببيتنا المشترك.
8. هذه الرسالة موجّهة إلى رؤساء الدول، والسلطات السياسيّة، وقادة المجتمع المدنيّ، لكي يمارسوا مسؤوليّتهم المشتركة في هذا الظرف التاريخيّ الخاصّ. ويوصي قداسة البابا بعدم ترك مسؤوليّة القرار إلى أصحاب هذه التقنيّات والعاملين على إنمائها. الكلّ مدعوّون إلى الانتباه وحسن الاختيار، إذا شئنا تسليم الأجيال المستقبليّة عالـمًا أفضل وأكثر سلامًا وتضامنًا وعدالة.
ويختم قداسة البابا بالصلاة في بداية هذه السنة الجديدة كي لا يزيد النموّ السريع لأشكال الذكاء الاصطناعيّ أعداد الاجيال الفقيرة ضحايا عدم المساواة والظلم الموجودة اليوم في العالم.
9. عندما حوّل الربّ يسوع شريعة «العين بالعين، والسنّ بالسنّ ... ومبادلة الشرّ بالشرّ»، إلى شريعة الغفران والمحبّة (متى 5: 38-39 و 43-44)، جعل السلام ميزة الدين المسيحيّ. ولذلك، لا تتوقّف الكنيسة عن إدانة الحروب، والدعوة إلى السلام، وحلّ النزاعات بالتفاوض والسُّبُل السياسيّة والدبلوماسيّة. نحن بدورنا ندين الحرب وندعو إلى السلام بالتفاوض في كلّ مناسبة. وكذلك بالنسبة إلى حرب إسرائيل على غزّة، وامتدادها إلى جنوب لبنان عن غير رغبة من أي لبنانيّ، ومن الدول الصديقة، لا سيما أنّ لبنان مصان من الحرب مع إسرائيل بقوّة قرار مجلس الأمن 1701. فيجب على الجميع التقيّد به، منعًا لامتدادات الحرب إلى لبنان رغمًا عن إرادة اللبنانيّين المحبّين لوطنهم وللسلام في ربوعه.
10. السلام هو ثمرة العدالة. كيف يمكن الحديث عن السلام الداخلي في لبنان، وقد رأينا في هذه الأيّام أنّ مشروع الموازنة ظالم بحقّ الشعب اللبنانيّ، وفقًا لما سمعنا وقرأنا من داخل المجلس النيابيّ. فنتساءل مع المتسائلين:
- هل يجوز تحميل المواطنين في مشروع الموازنة الجديدة أكثر ممّا تحمّلوا من كلفة الانهيارات الماليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، من خلال زيادات ضريبيّة ورسوم وغرامات عشوائيّة؟
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
- كيف يتعامى واضعو مشروع الموازنة عن التهرّب الضريبيّ والجمركيّ الذي يغذّي الاقتصاد غير الشرعيّ في لبنان بمليارات الدولارات؟
هذه التساؤلات تدلّ على الضرر الناتج عن عدم وجود رئيس للجمهوريّة، فبغيابه يسود الفلتان وعلى المكاسب غير المشروعة التي يجنيها معطّلو انتخاب الرئيس، وعلى ازياد فقر المواطنين.
إنّنا نطالب السادة النواب بالتعاون الوثيق مع لجنة المال والموازنة النيابيّة من أجل تعديل مشروع الموازنة الحكومي والحدّ من أضراره على المواطنين. وهذا واجب وطنيّ، يتيح لمجلس النواب ممارسة المادّة 86 من الدستور، وتجنّب صدور الموازنة على علّاتها بمرسوم وزاريّ.
11. فلنصلِّ إلى الله، أيّها الإخوة والأخوات، كي يوقف الحروب بقدرته اللامتناهية، ويقي لبنان وجنوبه الحدوديّ شرّها ومخاطرها، ويزرع في القلوب حضارة السلام. له المجد والتسبيح، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
تأسست وكالة الأنباء الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "آسي مينا" في 25 آذار 2022، عيد بشارة السيّدة مريم العذراء، بعد عام واحد على الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس إلى العراق. "آسي مينا" جزءٌ من مجموعة CNA/ACI، وهي إحدى خدمات أخبار EWTN.