«لا تخافوا! فَهَا أنا أُبَشِّركُم بِفرحٍ عظيم يكون للشعب كُلِّه...» (لو 2: 10) قد تبدو هذه الآية الإنجيلية بعيدة عن أرض الواقع الحالي في الأراضي المقدسة. فالأحداث التي تشهدها تلك الأرض لا تحمل مؤشرات اطمئنان ولا تُبشِّر بِأي فرح.
مع ذلك، فإنّ هذه الآية التي تدعو إلى الفرح والرجاء، والتي تُلَخِّص الفحوى الكاملة لبشارة الإنجيل، كانت قد قيلت آنذك في سياق تاريخي وسياسي يعجّان بكثير من ظلم الاحتلال الروماني لفلسطين وفي خِضم اضطهاد النظام السياسي للسكان الأصليين في البلاد.
واقع مدينة بيت لحم
شرح الأب الفرنسيسكاني كارلو مولينا في مقابلة سابقة مع «آسي مينا» التأثير الاقتصادي للحرب على مدينة بيت لحم، خصوصًا على المسيحيين، كونهم يعتاشون بِغالبيتهم على قطاع الحج والسياحة.
كما أصدرت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني في وقتٍ لاحق بيانًا نشرته على صفحتها الرسمية قالت فيه: «بسبب الحرب على غزة فإنّ محافظة بيت لحم قد تكبدت خسائر اقتصادية فادحة في مختلف القطاعات، خصوصًا في قطاع السياحة الذي تعطل بنسبة 100%، بالإضافة إلى أضرار جسيمة في باقي القطاعات كالزراعة والصناعة والاستيراد والتصدير. علاوةً على زيادة التضييقات في نقاط العبور من مدينة بيت لحم وإليها».
وفي تصريح صحافيّ، أكّد رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا أنّ «رسالة بلدية بيت لحم لميلاد العام 2023 هي رسالة حزن وغضب ورفض للحرب». وشدّد على أنّ «بيت لحم تدفع بِدورها ثمنًا باهظًا للحرب بسبب إغلاق جميع المداخل إلى المدينة التي تخلو من أيّ مظاهر للعيد الذي ينتظره الأهالي طوال السنة».
أما الأب رامي عساكرية، كاهن رعية القديسة كاترينا للاتين في بيت لحم، فأكّد في مقابلة خاصة لِحراسة الأراضي المقدسة أنّ المؤمنين يبحثون عن السلام والرجاء في الله وحده، وأنّ في زمن المجيء علينا أن نقبل دعوة الله للمحبة والسلام. ولعلّ غياب مظاهر العيد الخارجية والاستعراضية يجعلنا نركّز على المعنى الحقيقي للميلاد، الأمر الذي دعا إليه مجلس الأساقفة ورؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة هذه السنة.
حلّت الدعوة إلى عدم الخوف وإلى الفرح في منتصف ليلة مظلمة وباردة، لكن في ظلام هذه الليلة جاءت الملائكة لتُبشر بميلاد الكلمة، الكلمة التي هي البدء، وإنما هي أيضًا النهاية؛ فالكلمة الأخيرة ليست كلمة الظلام بل كلمة النور والفرح بمجيء المخلّص.