بيروت, الجمعة 22 ديسمبر، 2023
ترتسم معالم الاختلاف في ميلاد هذا العام على صُعُد عدّة. ووسط هذا الاختلاف تحمل رسائل رؤساء الكنائس الكاثوليكيّة أوجاع أبنائها وآمالهم بغد أفضل. عشية عيد الميلاد، صدرت رسالة بطريرك السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان، فما أبرز ما تضمّنته؟
قال يونان: «نرفع تضرّعنا إلى كلمة الله المتأنّس أن يمنح بميلاده العجيب في بيت لحم المسكونةَ السلام والأمان، ويفيض على عالمنا الرازح تحت ثقل الآلام والحروب والنزاعات والأوبئة والكوارث، نِعَمَ التآخي والعدل والتضامن، وأن يغمر قلوبنا بالرجاء الوطيد والفرح الدائم، ويهب بشريتنا جمعاء عامًا جديدًا مفعَمًا بالخير والبركة، ليحظى جميع الناس بالطمأنينة والاستقرار في بلادهم، وينعموا بالصحّة والعافية نفسًا وجسدًا وروحًا، وتملك المحبّة والألفة والوئام بروح الأخوّة المعطاءة بتجرُّد والوحدة الحقيقية في العائلات والمجتمعات والأوطان».
وأكّد يونان أنّ «على الإنسان ألا يفتّش عن شيء آخر جديد خارجًا عن يسوع المسيح الإله الكلمة الذي تجسَّد لأجل خلاصنا. لقد كلّم الله آباءَنا قديمًا، وهو يكلّمنا اليوم، فما أسعدنا حين نقبل بشرى ميلاد مخلّصنا، وما أجملَ أن تحمل الكنيسة سرَّ محبّته الفائقة إلى العالم على يد خدّامٍ مُرسَلين يبشّرون في العالم أجمع. فلنُسْرِع إذًا لملاقاة نور الميلاد الذي أشرق في بيت لحم وبدّدَ ظلامَ الخطيئة والموت. فلنَخْرُج من صحراء غربتنا عن الله، ولنحمِل نور مصابيحنا ونُسرِع إليه لنراه ونسجد له ونرنّم، كما أسرع إليه الرعاة وعاينوه متعجّبين ومندهشين، وكما أتى الملوك-المجوس من الشرق وسجدوا له معترفين، وكما رنَّم الملائكة في السماء هاتفين: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر» (لو2: 14).
وشدّد في رسالته على أنّ سرّ التجسُّد حقيقة إلهية تنير سرّ الإنسان ومعنى حياته التائقة إلى السعادة في الحبّ والسلام، «لأنَّ يسوع هو السلام الحقيقي الذي يحثُّنا على اكتشاف دعوتنا إلى المحبّة الصافية والمتجرِّدة، التي علينا أن نعيشها بالأخوّة والتعاون والتعاضد بين الأفراد والعائلات والمجتمعات. إنّها دعوة إلى ممارسة الإخلاص الصادق والمحبّة الفاعلة والحرّية البنّاءة، كأسس للحقوق الإنسانية للجميع، من دون فرق في الجنس والعرق واللون والبيئة الجغرافية أو السياسية. إنَّها المحبَّة التي عليها أن تسود في المجتمع وبين الأمم، فلا يشقى أحد من جراء الأنانية أو اللامبالاة. في المسيح نحن إخوة لجميع الناس. فلنتصالح ولنكسر حواجز الكراهية والعداوة، ولنكن رسل محبَّة وسلام، فتُولَد كلمة الله فينا... ليُولَد المسيح فينا. في طفل بيت لحم، يأتي الله للقائنا كي يجعل منّا أبطال الحياة التي يحنّ إليها جميعُ البشر. يُقدّم ذاته لنا كي نرفعه على أيدينا ونغمره حبًّا وإعجابًا، وبه نرفع ونغمر بحناننا العطشان والنزيل والعريان والمريض والمسجون» (مت 25: 35-36).