نوجّه هذه التحيّة، ونحن مدركون أنّنا نعيش واحدةً من أفظع الكوارث الإنسانيّة في أرض الميلاد. فلقد أدى عنف الحرب في خلال شهرين ونصف الشهر إلى معاناة لا يمكن تصوّرها لملايين الأشخاص في أرضنا المقدّسة، وتسبّبت فظائع الحرب في البؤس والحزن لعائلات لا تحصى في منطقتنا، مستدعيةً صرخات تعاطف مؤلمة من جميع أنحاء الأرض بالنسبة إلى أولئك الذين يعيشون تحت وقع هذه الظروف الصعبة؛ إذ يبدو الأمل بعيدًا وخارج متناول اليد.
ومع ذلك، ولد ربّنا يسوع المسيح في ظروف مشابهة للتي نعيشها اليوم؛ ليعطيَنا الأمل، فهنا يجب أن نتذكر أنّه في خلال عيد الميلاد الأول، لم تكن الأجواء بعيدة عن تلك التي نعيشها اليوم، وهكذا واجهت السيدة العذراء مريم والقديس يوسف صعوبة في العثور على مكان لولادة ابنهما؛ فقد كان هناك قتل للأطفال، وكان هناك احتلالٌ عسكري، وكانت العائلة المقدسة قد اضطرت إلى النزوح كلاجئين، ولم يكن هناك سبب للاحتفال سوى ولادة ربّنا يسوع المسيح.
ومع ذلك، وسط ذلك الحزن، ظهر الملاك للرعاة ليعلن رسالة الأمل والفرح لكلّ العالم: «لا تخافوا! فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: أنّه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الربّ» (لوقا 2: 10-11).
في التجسدّ الإلهيّ، جاء المسيح إلينا مثل عمانوئيل، «الله معنا» (متى 1: 23)؛ ليخلّصنا ويفدينا، وكان ذلك ليفي بكلمات النبي إشعياء: «الربّ مسحني... لأبشّر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر» (إشعياء 61: 1-24؛ لوقا 4: 18-19).
هذه هي الرسالة الإلهية للأمل والسلام التي تلهمنا في وسط المعاناة؛ فقد ولد المسيح نفسه وعاش في وسط معاناة كبيرة، بل إنّه كان يعاني من أجلنا حتى موته على الصليب، ومن أجل أن نبدأ نحن بالعيش في الأمل وسط ظلمة العالم (يوحنا 1: 5).
وبروح عيد الميلاد، نحن-بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس- نستنكر جميع الأعمال العنيفة، وندعو إلى وقفها، وندعو شعوب هذه الأرض إلى البحث عن نعم الله؛ لنتمكن من التعلّم كيف نسلك معًا سُبُل العدل والرحمة والسلام.