تحظى الكنائس الشرقية بتاريخ وتقليد وليتورجيا مختلفة عن تلك الغربية. كما لها قانون كنسيّ خاصّ بها وخبرة طويلة جدًّا في مسألة السينودسية. لكن لتطبيق هذا المقترح السينودسي، يجب الإجابة عن المسائل المحدّدة التي يتعين أن تتعمّق اللجنة فيها. فهل ستكون اللجنة مثلًا مسانِدَة لدائرة الكنائس الشرقية ودائرة تعزيز وحدة المسيحيّين الفاتيكانيَّتَيْن على سبيل المثال؟ أم رديفة لهما وفي عمل مختلف عنهما؟
تمثيل أكبر للكنائس الشرقيّة
في المقترح الرابع المرتبط بالكنائس الشرقية، يطلب التقرير تمثيلًا ملائمًا لأعضاء من الكنائس الشرقية الكاثوليكية في دوائر الكوريا الرومانية، أي الإدارة المركزية للفاتيكان. وذلك بهدف إغناء الكنيسة بوجهات نظرهم المتنوعة وتعزيز الحلول المقترحة للمشكلات المذكورة والمشاركة في الحوار على جميع الأصعدة، على ما جاء في التقرير.
وهذا المقترح أيضًا ليس جديدًا. ففي خلال المجمع الفاتيكاني الثاني، طالب آباء كثيرون في المجمع، ومنهم المشرقيّون، بتعيينٍ أكبر لأشخاص من مختلف الجنسيّات في الكوريا الرومانية، إذ كان يومها عدد كبير من موظفّيها يحمل الجنسيّة الإيطاليّة. وبالفعل، سارت الكنيسة في العقود الأخيرة بهذا الاتجاه. لكن يرى بعضهم أنّ ليس هناك عدد كافٍ من الشرقيّين الكاثوليك في الدوائر.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ بعض الكنائس الشرقية الكاثوليكية عدد إكليروسها ومكرّسيها محدود جدًّا. لذلك قد تكون صعبة الاستجابة لهذا المطلب بشكل متكافئ بين هذه الكنائس إذا أريد تحقيق ذلك عبر الإكليروس والمكرّسين. وإلّا يجب أن يلجأ الحبر الأعظم إلى تعيين علمانيّين من هذه الكنائس، في حال كان منفتحًا على المقترح.
تعاون بين إكليروسَي الشرق والغرب
يعتبر المقترح الخامس المرتبط بهذا القسم أنّ بهدف تعزيز أشكال الضيافة التي تحترم المؤمنين التابعين للكنائس الشرقية، من الملائم تكثيف العلاقات بين الإكليروسَيْن الشرقي واللاتيني في بلاد الانتشار وتعزيز المعرفة المتبادلة والتعرّف إلى التقاليد الخاصة بهما.
يلائم هذا المقترح السياق الحالي للكنائس الشرقية. فبسبب ما تعانيه الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط وأوكرانيا، كما باقي المسيحيّين في هاتين المنطقتين، من هجرة ولجوء جماعيّ كبير، يخشى بعض الشرقيّين الكاثوليك أن تذوب الهويّة الكنسيّة للمغتربين منهم في بحر العالم اللاتيني.
فأعداد المؤمنين في الكنائس الشرقية الكاثوليكية أصغر بكثير من الكنيسة اللاتينية. لذا، من المناسب أن يعي الإكليروس اللاتيني ذلك. ومن الجيد بالنسبة إلى الشرقيين أن يوسّع الإكليروس اللاتيني معرفته بتراث الشرق بغية مساعدة الشرقيين في الحفاظ على هويّتهم.
القبول مُرجأ إلى ما بعد الدورة الثانية
تجدر الإشارة في الختام، إلى أنّ جميع هذه المقترحات يُرجأ إقرارها إلى الدورة الثانية من السينودس المُزمع عقدها في أكتوبر/تشرين الأوّل 2024. فحينها سيقرّر المجتمعون إن كانوا سيقدّمونها للبابا في الوثيقة الختامية للمسيرة السينودسية أم لا. وفي حال تقديمها يبقى قرار قبولها من عدمه وتطبيقها في يد الحبر الأعظم.
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
محرّر آسي مينا لأخبار الفاتيكان وروما. يتابع دراسات عليا في اللاهوت العقائدي. باحث في الشؤون الكنسيّة. مقيم في العاصمة الإيطاليّة روما.