في إطار سعيها إلى تعريف المؤمنين، لا سيّما فئة الشباب، بتاريخ كنيسة المشرق ولاهوتها وروحانيّتها، المتغلغلة جذورها في بلاد ما بين النهرين، أطلقت إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة «دورة مار توما للعلوم الشرقيّة».
تهدف الدورة إلى الاستزادة من المعارف اللاهوتيّة، والتعمّق في التراث الروحيّ لهذه الكنيسة العريقة، والتعرف إلى أهم المراحل التاريخيّة التي عاشتها، فضلًا عن مدى تأثّرها بالحضارات المجاورة، وصولاً إلى التاريخ المعاصر في الوطن والمهجر.
تتبع الدورة منهجًا متفرِّدًا غايته توفير تعليم لاهوتيٍّ مشرقيٍّ شامل وبناء أساس قويٍّ من المعرفة اللاهوتيّة، يؤهِّل المشاركين ليكونوا قادرين على تعزيز الإيمان في العائلة والكنيسة والمجتمع، وعلى مواجهة تحدّيات العالم المعاصر.
وفي هذا الصدد، أوضح الأب سان كاكا، الكاهن في إيبارشيّة أربيل الكلدانية والمنسِّق العام للدورة، لـ«آسي مينا» أنّ الدورة متفرِّدة باعتمادها منهجًا روائيًّا في تقديم موادها، عبر سرد قصصٍ من التاريخ والتراث الخاصَّين بكنيسة المشرق وبلاد ما بين النهرين. وتسعى إلى إكساب الطلبة مهارة تحليل النصوص الكتابيّة واللاهوتية عبر إخضاعها لمنهج التفكير النقديّ للإفادة منها في عيش خبرة الإيمان اليوم.
وأشار إلى أنّ منهج الدورة يتضمّن مواضيع تتنوّع بين: حضارة بلاد ما بين النهرين، وشخصيّة الفرد العراقي ومجتمعه، وتاريخ وجغرافيا الكتاب المقدّس، وعلم اللاهوت المشرقيّ، فضلًا عن آباء كنيسة المشرق وتاريخها وطقوسها، مع إطلالةٍ خاصّة على القضايا الأخلاقية المعاصرة والقانون الكنسيّ.
ولا تهمل الفنّ والتراث المشرقيَّين، ما يعطي معرفة أشمل وفهمًا أوسع يتيح للطلبة غوصًا أعمق في المعارف اللاهوتيّة ذات الهوية المشرقيّة وتفسير النصوص الكتابية واللاهوتية والقانونية والطقسيّة ذات الصلة.
وعلى صعيد متصّل، أفاد الأب ألبير هشام، رئيس تحرير مجلّتَي «نجم المشرق» و«بين النهرين» والمحاضر في الدورة، لـ«آسي مينا» بأنّ محاضراته «تتركّز على قصص شخصيات بارزة من حضارة ما بين النهرين، ومنها على سبيل المثال سرجون الأكدي، وحمورابي، ونبوخذ نصّر، وتأثير قصصهم المباشر على روايات الكتاب المقدّس في عهده القديم وتاريخ كنيسة المشرق». وبيّن أنه سيتناول في مرحلة مقبلة تأثير الحضارات القديمة على كنيسة المشرق، على مختلف الصُّعد.
تشترط «دورة مار توما للعلوم الشرقيّة» على المشاركين أن تتجاوز أعمارهم الثانية والعشرين لينخرطوا في محاضراتها الأسبوعيّة التي تحتضنها الجامعة الكاثوليكيّة في أربيل، على مدى ثلاث سنوات دراسيّة، تبدأ في شهر أكتوبر/تشرين الأوّل من كلّ عام، وتنتهي في يونيو/حزيران من العام التالي. وتحبِّذ خريجي دورات معهد التثقيف المسيحي في أربيل أو بغداد.
كما تنظّم الدورة مؤتمرات وورش عمل سنويّة غرضها إكساب المشاركين معرفةً أوسع ومهارات استكشاف وجهات نظرٍ مختلفة في سياق اللاهوت المشرقيّ. وتتوقّع من الراغبين في نيل شهادتها، حضورًا فاعلًا في جميع أنشطتها واجتيازًا موفقًّا للاختبارات بدرجة نجاحٍ حدّها الأدنى 60%.