بيروت, السبت 9 أبريل، 2022
"هل تريد أن تصعد صلاتك إلى السماء، فامنحها جناحين وهما الصوم والصدقة". هذا ما قاله القديس أغسطينوس الذي رأى في الصوم وسيلة تسمح لصلاة المؤمن ببلوغ قلب الله.
الصوم شكل من أشكال التوبة الذي يعبّر عن الارتداد في علاقة الإنسان مع الله والذات والآخرين، وقد ثبّت يسوع المسيح وصيّة الصوم في الكتاب المقدّس بقوله: "سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعْ العَريسُ مِن بَيْنِهم، فَحينَئذٍ يَصومون" (لو 5: 35).
وتعتبر المسيحيّة الصوم الكبير زمنًا مميّزًا من السنة يهيّئ المؤمنين للعبور الفصحي إلى حياة جديدة من خلال ثلاثة أمور متكاملة: الصلاة وسماع الكلام الإلهي من أجل ترميم العلاقة الشخصيّة مع الله، والصيام والقطاعة من أجل ترويض الإرادة وترميم العلاقة مع الذات الإنسانيّة والمسيحيّة، وأعمال المحبّة والرحمة من أجل ترميم علاقة الأخوّة والتضامن مع الفقراء والمتألمين، وفق ما ورد في رسالة الصوم الخامسة التي وجّهها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى المؤمنين.
في المقابل، يعتبر الإسلام الصوم فريضة من أجل عيش التقوى، إذ ورد في القرآن: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون" (سورة البقرة/الآية 183). كما أنه لا يقتصر على الصوم عن الطعام، بل يتعدّاه إلى الامتناع عن العمل الحرام. ويتحقّق الصيام برُكنَيْن، هما: النيّة، ومحلّها القلب، ودليلها قول نبيّ الإسلام: "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ"، والإمساك أي الامتناع عن كلّ المفطرات من أكل وشرب وجماع. ويبدأ من طلوع الفجر الثاني، ويستمرّ إلى غروب الشمس، وفق الآية القرآنيّة الآتية: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ" (سورة البقرة/الآية 187).