قرطاج, السبت 16 سبتمبر، 2023
تحتفل الكنيسة المقدسة بتذكار القديس قبريانوس أسقف قرطاج، في تواريخ مختلفة، منها 16 سبتمبر/أيلول من كل عام. هو من اهتدى إلى الإيمان المسيحي وتخلّى عن أمجاد هذا العالم وأباطيله مكرِّسًا ذاته للمسيح حتّى الاستشهاد.
ولد قبريانوس في مدينة قرطاج في مطلع القرن الثالث. ترعرع في أسرة وثنية غنية، وتميّز بثقافته الواسعة، فبات فيلسوفًا كبيرًا وخطيبًا فصيحًا، له مكانته عند الوجهاء والعظماء. وفي مطلع شبابه، عرف تجربة الانزلاق صوب رغبات الجسد وشهواته، والبحث عن أمجاد هذا العالم وأباطيله، كما تزوج ورُزِقَ أولادًا. ثمّ اهتدى إلى الإيمان المسيحي على يد الكاهن سيسيليوس. ونال سر العماد هو وأسرته. وبعدها سلّم زوجته وأولاده لعناية مرشده تاركًا لهم ما يكفيهم من الأرزاق، وباع الباقي ووزّع ثمنه على الفقراء وكرّس ذاته بكلّيتها للمسيح.
رُسِمَ كاهنًا، ولمّا مات أسقف قرطاج في العام 248، اختاره الشعب خَلَفًا له، فكان أبًا حنونًا ومدافعًا جريئًا عن الدين وعن خِراف رعيّته. وحين اشتعلت نيران اضطهاد المسيحيين بأمر من الحاكم داكيوس قيصر، بذل كلّ طاقته في سبيل ثبات أبناء رعيّته في إيمانهم الحق. وبعد موت ذلك الملك الظالم، هدأ الاضطهاد. فرجع قبريانوس إلى كرسيه بعدما أُبعد عنه، وساعد في تحرير أُسَر كثيرة وزار المرضى والمصابين بداء الطاعون ليعزيهم في محنتهم.
ثم تجدّد اضطهاد المسيحيين في أيام الملك فاليريانوس الظالم الذي نفى قبريانوس من المدينة، فسكن بستانًا مجاورًا ورفض الابتعاد عن أبناء رعيّته، قائلًا: «أُفضّل الموت شهيدًا بينكم ضمانة لحفظ إيمانكم». كما ظلّ قبريانوس متجذّرًا بمحبته للمسيح، غيورًا على نشر كلمته المقدسة. وفي النهاية، شكاه عبدة الأوثان، وساروا به إلى الوالي الذي حكم عليه بقطع الرأس، وهكذا نال إكليل المجد في القرن الثالث.