بيروت, الأربعاء 13 سبتمبر، 2023
من ركام الوجع تولد قصصٌ تُبلسِم القلوب ولا تشفيها. هي قصّة وليام نون وماريا فارس. قبل ثلاثة أعوام التقت دمعتان فوق أنقاض مرفأ بيروت. في زحمة الدموع تعانقت هاتان الدمعتان بالذات على شقيقٍ وشقيقة خطفهما الموت في انفجار مشؤوم.
قبل ثلاثة أعوام دخل وليام الكنيسة ليودّع شقيقه جو، ودخلت ماريا كنيسةً أخرى لتودّع شقيقتها سحر. قبل أيّام، دخلا معًا كنيسةً واحدة ليُعلنا التحام وجعهما في قلبٍ واحد وتحت سقفٍ واحد، وليكلّلا دموعهما بفرحةٍ ممزوجةٍ بكومة غُصص. عزاؤهما الوحيد أنّ الشاهدَين في السماء، يباركان تلك الـ«نعم» الأبديّة.
بدأت حكايةُ وليام وماريا في الرابع من أغسطس/آب عام 2020. حكايةٌ تضجّ بكثيرٍ من القواسم المشتركة الموجعة. في تمام الساعة السادسة والدقيقة السابعة مساءً، وقع انفجار مرفأ بيروت مدمّرًا البشر والحجر والأحلام. من بين الضحايا عنصران في فوج إطفاء بيروت توجّها إلى المرفأ لإهماد الحريق، ولكنّ الموت كان أسرع منهما.
رحل جو نون عنصر فوج الإطفاء وسحر فارس المسعفة في الفوج نفسه. هنا ولد مسارٌ جديدٌ من عمق الألم. بدأت قصّة وليام شقيق جو وماريا شقيقة سحر بدمعةٍ، وتكلّلت قبل ساعاتٍ بفرح أبديّ. لم يكن الوجع وحده جامع قلبَيهما، بل أيضًا شوارع النضال من أجل العدالة لملاكَيهما ولأكثر من 220 ضحيّة. قضى هؤلاء جميعهم ذات مساءٍ وما تبقّى منهم سوى ذكرى قاسية وصور وشموع تضيءُ وجوه القديسين في بيوت حزينة.