بيروت, الاثنين 11 سبتمبر، 2023
تحتفل الكنيسة المقدسة بتذكار القديسة ثيودورا في 11 سبتمبر/أيلول من كل عام. هي من تابت عن خطيئتها من كل قلبها وكيانها، وتحملت كل أنواع الظلم، صابرةً مثابرةً على الصلاة والصوم حتّى الرمق الأخير.
أبصرت ثيودورا النور في الإسكندرية، في أوائل القرن الخامس. ترعرعت في أسرة مسيحية، تميّزت بغناها الروحي والمادي. وكانت فتاة تقية ورائعة الجمال. فتزوجت من رجل مسيحي مفعم بالإيمان الحق. لكنّها في خلال حياتها معه، عرفت تجربة السقوط في الزنى، فأولع بغرامها أحد الشبان وتمكّن من جرَّها إلى الخطيئة وخيانة زوجها معه. وحين استيقظت من غفلتها وأدركت فظاعة ما صنعته، ندمت من كل قلبها وكيانها، وقرّرت هَجر العالم. فتركت بيتها، بالسر عن زوجها، وارتدت ملابس الرجال، وانتحلت اسم ثيودوروس متوجّهةً إلى أحد الأديار حيث أمضت وقتها في الصلاة والصوم والتقشّف.
وذات يوم، أرسلها رئيس الدير في مهمة. فحاولت إحدى البنات الزانيات التحرش بها، فوبختها ثيودورا على عملها. عندئذٍ توجّهت تلك المرأة الخاطئة إلى رئيس الدير، وشكتها ملصِقة بها تهمة اغتصابها. وحين لم تدافع ثيودورا عن نفسها، طُرِدَت من الدير، فسكنت كوخًا، صابرةً ومثابرةً على الصوم والصلاة. ولمّا أحضروا لها الطفل الذي اعتقدوا أنّه ابنها، قبلته وأخذته ثم ربّته على خوف الله، وعيش الفضيلة. ظلّت على تلك الحالة طوال سبع سنوات، الى أن شَفِقَ الرئيس عليها، وأدخلها الدير.
عاشت في قلية منفردة، تتابع أنشودة صلاتها، ولمّا أحسّت بدنوّ ساعة موتها، أوصت الصبي الذي ربّته بحفظ وصايا الله وبالسلوك الحسن، ثمّ رقدت بسلام في الربع الأخير من القرن الخامس. حضر حينئذٍ الرئيس والرهبان من أجل تجهيزها لدفنها، فاكتشفوا أنّها امرأة، فركعوا أمام جثمانها طالبين منها السماح على ما فعلوه معها. وعلم زوجها بالأمر، فأتى يبكي عليها، وطلب أن يتنسك في قليتها حيث عاش ومات بالقداسة.