بكركي, الأحد 3 سبتمبر، 2023
أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ «المجتمع أصبح يعيش في هيكلية من الخطايا التي لا يتوب عنها أحد وكأنها أصبحت خطايا من دون مرتكبين، فيتكلمون على الفساد ولا يعلم أحد من هم المفسدون». وشدّد الراعي، في خلال ترؤسه الذبيحة الإلهية صباح اليوم في الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة في المقر الصيفي للبطريركية في الديمان، على أن «لا مجال لبناء حياة جديدة من دون إرادة إيمانية وقرار بالتغيير في نمط التفكير والتصرف».
ولفت الراعي إلى أنّ «الحوار الذي يُدعى إليه نوّاب الأمّة، إذا حصل رغم التجاذبات بين القبول والرفض، إنّما يقتضي أوّلًا المجيء إليه من دون أحكام مسبقة وإرادة فرض أفكارهم ومشاريعهم ووجهة نظرهم من دون أي اعتبار للآخرين؛ ويقتضي ثانيًا روح التجرّد من المصالح الشخصيّة والفئويّة، ويقتضي ثالثًا اعتماد الدستور واعتباره الطريق الوحيد الواجب سلوكه؛ ويقتضي رابعًا الصراحة والإقرار بالأخطاء الشخصيّة والبحث عن الحقيقة الموضوعيّة التي تحرّر وتوحّد».
بعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: «خطاياها الكثيرة مغفورة، لأنّها أحبّت كثيرًا» (لو 7: 4)، وقال: «أهمّ ميزة في الإنسان أن يكون في قلبه حبّ. ذلك أنّه "مخلوق على صورة الله ومثاله" (تك 1: 27)، والله بجوهره محبّة. كتب يوحنّا الرسول في رسالته الأولى: "لنحبّ بعضنا بعضًا، لأنّ المحبّة هي من الله ومن يحبّ فهو مولود من الله، ويعرف الله. لأنّ الله محبّة" (1 يو 4: 7-8). في هذا الحدث الإنجيليّ بانت قدرة المحبّة وشجاعتها وتأثيرها على قلب الله. فتلك المرأة الخاطئة المعروفة في المدينة قادها الحبّ الذي في قلبها إلى يسوع، وألهمها قرار التوبة والتماس مغفرة خطاياها من محبّته بالأفعال لا بالكلمات. هذا الحبّ علّمها أنّ يسوع الرحوم قادر أن يغفر خطاياها الكثيرة، ويجعلها تبدأ الحياة من جديد. ذرفت دموع التوبة على رجلَي يسوع، ونشفتهما بشعرها. قبّلت قدميه ودهنتهما بالطيب. بهذه الأفعال عبّرت عن ندامتها وحبّها ليسوع فقال للفرّيسيّ مستضيفه المتشكّك: "هذه المرأة مغفورة لها خطاياها الكثيرة لأنّها أحبّت كثيرًا" (لو 7: 47). ولها قال: "إيمانك خلّصكِ! إذهبي بسلام!" (لو 7: 50). من يحبّ الله، يقرّ بخطاياه ويتوب نادمًا، والله يغدق عليه غفرانه مهما كان ثقل خطاياه، لأنّه يقرأ في قلبه إيمانه بقدرة الغفران. يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة فأرحّب بكم جميعًا، وبخاصّة «بمجلس الإنماء والتنسيق المسيحيّ» الذي يشرف عليه باسمنا سيادة أخينا المطران أنطوان بو نجم، رئيس أساقفة أنطلياس. فأحيّيه وسائر أعضاء المجلس وأهنّئهم بإعلان إطلاقه اليوم. هذا المجلس يضمّ مجموعة من اللبنانيين ذوي الخبرة والاختصاص الذين عقدوا العزم على إقامة مشاريع حلول تنمويَّة عمليَّة للمساعدة في معالجة قضايا اجتماعية واقتصادية وإنمائية ينوء تحت ثقلها المواطن، وعلى التنسيق مع مختلف القوى المجتمعية الحيَّة والفاعلة لتحقيق هذه الأهداف. إننا نبارك هذه المجموعة ومؤسسيها، وندعو لهم بالنجاح والتوفيق لما فيه خير المواطنين».