آسيا, الثلاثاء 22 أغسطس، 2023
الصورة تتكرّر. كأنها ابنة البارحة واليوم والغد. تتعدّد الأمكنة والأزمنة والوجوه ويبقى المشهد ثابتًا: تُدمَّر الكنائس فيصلّي ناسها على ركامها وأنقاضها. من المشرق مرورًا بشمال إفريقيا وصولًا إلى أقاصي آسيا، شعوبٌ محكومةٌ بمصير واحد هو الاضطهاد وبرجاء واحد هو التجذّر.
هي نفسها الصورة التي تزرع في النفوس آملًا تتنقّل من بلدٍ إلى آخر. عناصرها بسيطة ولا يشوّه بهاءها حجرٌ مدمّر من هنا وعمود محطّم من هناك. فالكنيسة هي الشعب، وإن سقط حجرها وقف بشرها فوق الدمار وصلّوا كما لو كانوا في الداخل.
ليست هذه الصورة جديدة على العين المشرقيّة ولا حتى على العين العالميّة. بسلاسةٍ غريبة يحتشد المؤمنون على أنقاض كنائسهم أو في عمق ما تبقى من حيطان صامدة ويرفعون الصلوات. يضيئون الشموع بين الحجارة المتراصفة، يصنعون من رجائهم مذبحًا ويتمتمون تراتيلهم التي يزيدها الفراغ المكاني صدحًا.
غدت هذه الصورة مألوفةً وأكثر انتشارًا مع صعود التيارات الإرهابيّة في العراق وسوريا عربيًّا، وفي أفغانستان وباكستان آسيويًّا. أساقفة وكهنة عراقيون وسوريون كثيرون وقفوا وصلّوا مع حشود المؤمنين على أنقاض كنائس تاريخيّة دمّرها تنظيم داعش. لم يكن المشهد محصورًا في منطقة واحدة مع تعاقب موجات الاضطهاد والقتل والتدمير التي ألمّت بمسيحيي العراق وسوريا على وجه التحديد.