1. عظّمت مريم العذراء الله القدير، لأنّه «صنع لها العظائم»، ولهذا السبب قالت: «تعظّم نفسي الربّ، وتطوّبني جميع الأجيال» (لو 1: 46-47). فيسعدنا اليوم، في بلدة القعقور العزيزة ومع أهاليها، أن نعظّم الله معها، وأن نعطيها الطوبى، لما صنع الله لها من عظائم.
إنّ المناسبة السعيدة مزدوجة: الأولى، تكريس مذبحَي كنيسة أمّ المراحم الرعائيّة الجديدة هذه، وكابيلا القدّيس شربل؛ والثانية الاحتفال بعيد انتقال أمّنا مريم العذراء بنفسها وجسدها إلى السماء.
2. يطيب لي مع سيادة أخينا المطران أنطوان بو نجم، راعي الأبرشيّة الغيور، ومع سيادة المطران سمير مظلوم ابن البلدة المحبّ، ومع سيادة السفير الباباوي والسادة المطارنة، أن نحتفل مع كاهن الرعيّة ومعكم بهذا التكريس، وأن نقدّم هذه الذبيحة الإلهيّة على نيّتكم جميعًا، ولا سيما الذين لهم تضحيات من أيّ نوع في إنجاز هذا المجمّع الراعويّ الكبير والجميل. عنيتُ بهم عزيزنا المهندس رمزي سليم مظلوم وشقيقيه وشقيقته وشركاءه، مع الشكر والتقدير على هبة العقار وجميع أعمال البناء. وأوجّه تحيّة شكر إلى لجنة بناء الكنيسة ومجمّعها، برئاسة سيادة أخينا المطران سمير مظلوم، وعضويّة أربعة من خيرة أبناء البلدة. كافأ الله الجميع بفيضٍ من نعمه وبركاته.
3. يليق من هذه الكنيسة الجميلة وهي قيد الإنجاز أن نعظّم الله مع مريم على ما صنع لها من عظائم. لم تكن مريم تعني فقط ما بشّرها به الملاك جبرائيل «بأنّها تحبل وهي عذراء بيسوع إبن العليّ، بقوّة الروح القدس» (لوقا 1: 31، 32، 35)، بل كان نشيدها نبويًّا. فالعظائم ظهرت تباعًا في حياتها وموتها، وأعلنتها الكنيسة حقائق إيمانيّة على التوالي.
4. منذ اللحظة الأولى من تكوين مريم في حشا أمّها القدّيسة حنّة زوجة القدّيس يواكيم، عصمها الله من دنس الخطيئة الأصليّة الموروثة من أبوينا الأوّلين، والتي يولد فيها كلّ إنسان. وشاء المسيح الربّ أن يزيلها بماء المعموديّة والميرون، ويعيد للإنسان بهاء صورة الله فيه. وشاء الله ألا تخضع مريم، ولو للحظة، لدنس الخطيئة. ذلك أنّ الله، في سرّ تدبيره الإلهيّ، هيّأ أقدس أمّ لتكون أمّ القدّوس بالجسد البشريّ. إنّ عقيدة الحبل بلا دنس الإيمانيّة أعلنها الطوباويّ البابا بيوس التاسع في 8 ديسمبر/كانون الأوّل 1854. وعلّمت الكنيسة أنّ مريم العذراء مكثت بتولًا قبل الميلاد وفيه وبعده؛ وأنّها لم تعرف أيّ خطيئة شخصيّة.
5.وتعلّم الكنيسة على لسان آباء المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني أنّ مريم شاركت في آلام ابنها يسوع لفداء العالم. فبإيمانها الصامد وصلت مع ابنها الفادي الإلهيّ حتى الصليب، متألّمة معه بصبر وصمت لكي يتحقّق كلّ تدبير الله الخلاصيّ. فكانت أمة الربّ في بشارة الملاك وفي موت ابنها على الصليب. في البشارة أصبحت أمّ يسوع التاريخيّ، وفي وقوفها عند أقدام الصليب أصبحت أمّ المسيح السرّي أي الكنيسة، وأضحت أمّنا بالنعمة (الدستور العقائدي في الكنيسة، 61).