يتجسّد السحر المعماري الروماني القديم في جسر قلعة سانت أنجلو. يمثّل هذا الجسر القريب من حاضرة الفاتيكان إحدى روائع الهندسة والفن، ويستحوذ على اهتمام زوّار روما، ليس لجماله فحسب، بل أيضًا لتاريخه العريق وقصصه الخالدة.
يعود بناء هذا الجسر إلى القرن الثاني الميلادي، تحديدًا إلى العام 134 عندما أمر الإمبراطور الروماني هادريان بإنشائه. وعُرِفَ في العصور اللاحقة بجسر القديس بطرس، إذ كان الممرّ الوحيد للوصول إلى بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان فوق نهر التيبر الذي يقسم روما إلى قسمَيْن.
تزيين الجسر مع الباباوات
خضع الجسر لكثيرٍ من التغييرات على مرّ العصور. ففي العام 1535، نصب البابا إكليمنضوس السابع عند بداية الجسر تمثالَيْن للقديسَيْن بطرس وبولس. زادت هذه اللمسة الفنّية جماليّة الجسر وجعلته يتألّق بمزيد من الروحانيّة. كما أعادت تعريف معناه كرمز للعبور المقدّس نحو الإيمان والخلاص، إذ ينقل المؤمنين من روما إلى تلّة الفاتيكان.
ومع البابا إكليمنضوس التاسع، زُيِّنَ الجسر في القرن السابع عشر بعشرة تماثيل رخاميّة بِيض لملائكةٍ تحمل أدواتٍ استُخدِمت في أثناء صلب المسيح، منها إكليل الشوك وعود الصليب والمسمار والإسفنجة التي قُدِّمَت له ليشرب الخلّ وغيرها.
تماثيل مميّزة
تتميّز التماثيل عن بعضها بعضًا؛ فأحدها نسخة عن عمل الفنّان الإيطالي الشهير برنيني، نُقشت عليه عبارة «يسوع الناصري ملك اليهود» التي وُضِعَت فوق رأس المسيح يوم صلبه. وثمّة تمثال من تصميم النحّات دومينيكو جويدي، ينظر بكآبة إلى طرف الرمح الذي طعن قلب المسيح، يرفعه كما لو كان يجسّد اللحظة التي جرح فيها ذلك القلب، وكُتِبَت تحته عبارة مأخوذة من سفر نشيد الأناشيد: «قد خَلَبْتِ قلبي» (4: 9). وتعكس هذه العبارة الحزن العميق والألم الذي سبّبه الجرح للمسيح، لكنّها في الوقت عينه تتضمّن معنى التضحية والحبّ.
رحلة روحيّة إلى الحياة الخالدة
تعكس تفاصيل هذا الجسر أيضًا الحياة المسيحيّة وقيمها. فهو يُعَدُّ مع التماثيل التي تزيّنه رمزًا للرحلة الروحيّة التي يسلكها المؤمنون من الحياة الأرضيّة إلى الحياة الخالدة، إذ يمرّ بين ملائكةٍ تحمل أدوات الصلب الذي افتدى من خلاله يسوع العالم، فوق نهر من جهة روما إلى الفاتيكان.