حلب, الأحد 23 يوليو، 2023
منذ القرن الرابع الميلادي، اعتاد المسيحيّون التأمّل في أوجاع مريم العذراء «سيّدة الأحزان» إذ روت كتابات القديسين تبجيل شعب الله لـ«سيّدة الآلام». وتحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار «سيّدة الآلام» في 15 سبتمبر/أيلول من كل عام.
من باسيليوس الكبير إلى برناردينو من سيينا وألفونس ماري دو ليغوري، ذكر قديسون كثيرون في كتاباتهم آلام مريم. ثمّ انتشر تذكار «سيّدة الأحزان» بشكل أكبر مع البابا بيوس السابع، بعدما أعلنه عيدًا للكنيسة جمعاء في العام 1814.
يتأمّل المؤمنون في «سيّدة الأحزان» بسبعة آلام كابدتها العذراء في خلال حياتها. الألم الأوّل هو نبوءة سمعان الشيخ عندما حمل بيديه الطفل يسوع بعد مرور 40 يومًا على ولادته، وتحدّث عن السيف الذي سينفذ في نفسها. والثاني هروب العائلة المقدّسة إلى مصر لتُنقذ ابنها من المجزرة التي أمر بها هيرودس الملك. والثالث شمل حزن الوالدة لثلاثة أيّام متتالية بعد بقاء يسوع في الهيكل وهو في الثانية عشرة من عمره. أمّا الرابع، فكان لحظة لقاء العذراء بابنها حاملًا صليبه في طريق الجلجثة. والخامس رؤيتها ابنها مصلوبًا وعريانًا ومائتًا عند أقدام الصليب. والسادس عندما أُنْزِلَ يسوع عن الصليب ووُضِعَ بين ذراعيها. والألم السابع هو دفن المسيح في القبر.
قاست مريم العذراء آلامًا كثيرة غيرها في مسيرة حياتها، ولم تحاول الهرب منها أو رفض عيشها. آمنت أنّ الله سيحوّل آلامها التي اتّحدت بواسطتها مع آلام ابنها إلى تعزية وانتصار على الموت والألم. إنّ التمعّن في كيفيّة حمل مريم آلامها بإيمان ورجاء يساعد المؤمن المسيحي على التشبّه بها، إزاء ما يتعرّض له على الأرض من أوجاع وضيقات حتى لا يهتزّ إيمانه بالربّ وبتعزيته.