ضمّت مدينة حيرات (في أفغانستان اليوم) كرسيًّا أسقفيًّا، منذ القرن الخامس، أصبح متروبوليتيًّا مع نهاية القرن السادس. وصارت مدينة كشغر (في غرب الصين اليوم) مسكنًا للرهبان الذين أحضروا في إحدى المرات بيوضًا من دودة القزّ مخبّأة داخل عصا إلى الإمبراطور البيزنطي جوستنيانوس. ويعود تأسيس كرسي رئاسة أساقفة سمرقند (في أوزبكستان اليوم) إلى عهد البطريرك صليبا زخا (714-728).
العصر الذهبي في منغوليا
واصل المبشّرون تقدّمهم شرقًا، فوصلوا إلى القبائل المغوليّة، أسلاف المنغول الحاليين، في جنوب بحيرة بايكال. قبلت قبائل عدّة المسيحيّة بين القرنَيْن الحادي عشر والثالث عشر، أهمّها قبائل الكرايت والكيتان والنايمان والأونغوت والمركيت والأوبرات.
عرفت المسيحيّة في القرن الثالث عشر عصرها الذهبي هناك بفضل سياسة الحكّام المغول السمحة والبعيدة عن النفاق. فقد تزوّج جنكيز خان وأولاده وأحفاده نساءً مسيحيّات مؤثّرات أدَّيْنَ أحيانًا دورًا في إدارة سياسة البلاد. وفاقت الاعتبارات القوميّة عند المغول نظيرتها الدينيّة. كما لم تنصّ معتقداتهم القديمة، ومن بينها «الشامانيّة» ومن ثمّ البوذيّة، على محاربة أحد، بل دعت دائمًا إلى الحضور والتفاعل وتبادل الأفكار.
وكانت أيضًا غالبيّة النخب العلميّة من المسيحيين. فاستُدعوا إلى البلاط بصفتهم وزراء أو مهندسين أو علماء فلك (منهم رئيس مركز الأبحاث الفلكيّة السوري عيسى) أو مربّين أو معلّمين للأمراء المغول أو أطبّاء بارعين. ووصل التأثير المسيحي إلى حدّ تأثّر اللغة المنغوليّة القديمة بالسريانيّة، فانتشرت بعض كلماتها بين الشعب وأصبحت التحيّة السريانيّة «برخمر» شائعة بينهم.
بطريرك مغولي للمرّة الأولى