أربيل, الثلاثاء 18 يوليو، 2023
تعود جذور المسيحية في بلاد ما بين النهرين إلى القرون الأولى بعد المسيح، إذ يُعدّ توما الرسول مؤسِّس المسيحية فيها وواعظها الأول، بحسب التقليد، ومعه أدّي أحد الاثنين والسبعين وتلميذاه آجاي وماري. ودُعي مسيحيو بلاد ما بين النهرين «كنيسة المشرق» في عصور لاحقة. لكن كيف نشأت «الكنيسة الكلدانية»؟
في كنيسة منفتحة على كل الأقوام واللغات، لم تكن التسميات الأولى للمسيحيين «قوميّة». فقد استُخدِمَ مصطلح «الكنيسة الكلدانيّة» رسميًّا للمرة الأولى للدلالة على مجموعة من أبناء «كنيسة المشرق» انتمت إلى الكنيسة الكاثوليكيّة في قبرص عام 1340. وكان ذلك في زمن البابا بنديكتوس الثاني عشر، بحسب البطريرك لويس روفائيل ساكو. وأوضح ساكو أنّ هذا الاتحاد لم يدم على الرغم من تجدّده عام 1445 بانضمام طيمثاوس أحد أساقفة كنيسة المشرق أيّام البابا أوجين الرابع (1431-1447) إلى الكنيسة الكاثوليكيّة في أعقاب انعقاد مجمع فلورنسا-فيرارا (1438-1445).
بعدها، شرّع البطريرك شمعون الرابع الباصيدي (1437-1497) عمليّة التوريث في اختيار البطاركة، إذ عوض الانتخاب أصبح البطريرك الجديد يُخْتَارُ من عائلة البطريرك القديم. سبّب ذلك حالةً من التذمّر بين أبناء الكنيسة، ولا سيّما في العام 1539 عندما «اضطر البطريرك شمعون السابع برماما (1538-1558) إلى رسامة ابن أخيه الذي لم يكد يبلغ الثانية عشرة ميتروبوليتًا لعدم وجود شخص غيره في العائلة الأبويّة»، بحسب ساكو. عندها، اجتمع المعارضون واختاروا يوحنا سولاقا بطريركًا، فقصد الأخير روما ليعقد اتّحادًا مع الكنيسة الكاثوليكيّة وينال الرسامة من البابا نفسه، معلنًا الولادة الفعليّة للكنيسة الكلدانيّة.
وقد سرت تسمية «الكنيسة الكلدانيّة» واتّسع انتشارها منذ القرن الثامن عشر، عندما أقام البطريرك المتّحد مع روما كرسيَّه في ديار بكر، مستخدمًا هذه التسمية إلى جانب «الكنيسة الكاثوليكيّة». وتغلّبت «الكلدانيّة» لاحقًا على التسميات الأخرى.