الموصل, الثلاثاء 4 يوليو، 2023
في أوائل القرن الثامن عشر، أدّى قسّ من كنيسة المشرق يُدعى خدر الموصلّي دورًا بارزًا في انتشار الإيمان الكاثوليكي في مدينته الموصل، مركز محافظة نينوى شمال العراق. ولا تزال كتب التاريخ تحفظ له مكانًا مهمًّا حتى اليوم. فمن هو هذا الرجل؟ وما الكتابات التي تركها؟
وُلِدَ القسّ خدر في الموصل عام 1679، وكان ابن المقدسي ألياس هرمز الملقّب بـ«شعّاوي» ومن كنيسة المشرق. عُرِفَ بحدّة الذكاء والشغف بالقراءة والاطلاع والتعلّم والتعليم. و«أتقن منذ حداثة سنّه اللغات الكلدانية والسريانية والعربية والتركية»، كما ذكر الأب لويس شيخو اليسوعي في مجلة «المشرق».
أنشأ خدر مدرسة، فتقاطر إليها التلاميذ من داخل الموصل وخارجها، وعكف على التعليم فيها مدّةً جاوزت الثلاثين عامًا. في الموصل، بدأ خدر التحوّل إلى الكنيسة الكاثوليكية على يد الآباء الكبوشيين الذين فتحوا إرساليتهم عام 1632 في دار قرب كنيسة مار أشعيا حيث كان كاهنًا؛ فاطّلع من خلالهم على «صحّة الديانة الكاثوليكيّة»، بحسب شيخو، و«أخذ ينشرها بين أهل ملّته، ولا سيّما تلامذته». وعند اهتدائه عام 1700، كاتَبَ البطريرك الكاثوليكي يوسف الثاني الذي كان يومئذٍ مقيمًا في آمد، معلنًا له إيمانه.
تعرّض خدر في إثر تحوّله لبعض المضايقات، فغادر الموصل إلى حلب ومنها إلى روما، ووصل إلى المدينة الإيطاليّة عام 1725. هناك، تابع دراساته ومطالعته حتى أصبح من المعتمَدين في أمور بلاد الشرق، وسعى في خلال وجوده في روما لإعادة الآباء الكبوشيين إلى الموصل بعدما غادروها عام 1748. وإذ لم يُكتَب لمحاولاته النجاح، سعى لذهاب الآباء الدومينيكان إلى تلك النواحي، فكانت له اليد الطولى في إرسالهم إلى الموصل وضواحيها.