أربيل, الأربعاء 21 يونيو، 2023
منذ القرن السادس قبل الميلاد، سادت اللغة الآراميّة في ثقافة بلاد الشرق الأوسط، وبها تحدّث المسيح وتلاميذه. لكن مع حلول القرن الرابع وانتشار المسيحيّة في بلاد المشرق، أصبحت تُسمّى السريانيّة. بالرغم من كونها إحدى أقدم اللغات المحكيّة في العالم، أصبح تناقص عدد المتحدّثين بها يشكّل تحدّيًا يواجه استمراريّتها في العراق. من هنا، حاورت «آسي مينا» عددًا من المختصّين فيها بغية تسليط الضوء على جهود مسيحيي أرض الرافدين في الحفاظ على لغتهم الأمّ.
في هذا السياق، قال الأب ياسر عطا الله، من جماعة إخوة يسوع الفادي الرهبانيّة ورئيس تحرير «المجلّة الليتورجيّة»: لعلّ «أقدم الوثائق السريانيّة التي استخدمت مصطلح "اللغة السريانيّة" عوض "اللغة الآراميّة" تعود إلى العام 132 م. في الرها». وأوضح أن العصر الذهبي للسريانيّة «كان بين القرنين الرابع والسادس. وهي غدت في العصر العباسي جسرًا بين الثقافات عندما ترجم السريان الكتب اليونانيّة إلى السريانيّة ومنها إلى العربيّة». ورأى عطا الله أن الكتب الطقسيّة للكنائس ذات الجذور السريانيّة قد حافظت على صفاء اللغة وساهمت في عدم اندثارها، بالرغم ممّا شابها لاحقًا من تعريب.
لكن السريانيّة كانت لغة الثقافة والأدب والفلسفة والعلوم أيضًا. وهي ما زالت لغة شعراء وكتّاب كثيرين اليوم، بالرغم من انحسارها منذ القرن الرابع عشر. لذا، اتفّق رئيس قسم اللغة السريانيّة بكلّية التربية في جامعة صلاح الدين بأربيل كوثر عسكر مع الرأي القائل إن الليتورجيا والطقوس وكل ما وصلنا من كتب ومخطوطات دونّها الرهبان والكهنة جعلت للكنيسة الدور الأبرز في الحفاظ على ما نمتلكه اليوم من إرث لغوي. لكن عسكر لا يعدّ السريانيّة لغة دينيّة بالمطلق.