عندئذٍ، استعدّ جرجس لمواجهة ذلك القرار، فمزّق المنشور بكل شجاعة. لكن الجنود قبضوا عليه وساقوه إلى الحاكم لينال عقابه. حاول داديانوس في البداية أن يثبط عزيمته لعلّه يسجد للأوثان، لكن جرجس ظلّ راسخًا في إيمانه بالمسيح. غضب الحاكم حينها وأمر بتعذيبه ووضعه في السجن.
عرف جرجس أعنف طرق التعذيب على مدى سبع سنوات، لكن يد الربّ يسوع خلّصته من الموت لأكثر من مرّة كي تدرك النفوس الضالّة طريق الإيمان القويم.
وصلتنا روايات كثيرة عن هذا القائد العظيم، نذكر منها ما قيل عنه بعد مخاطبته وثنًا، في خلال احتفال كبير، لمّا دخل جرجس إلى أحد معابد الوثنيين، متظاهرًا بأنّه سيسجد لآلهتهم. فتقدّم نحو أحد التماثيل، ورسم إشارة الصليب، ثمّ قال: «أتريد أن أقدّم لك السجود كأنّك إله الحقّ؟». فأجابه التمثال بصوت جهير: «كلا، أنا لستُ إلهًا بل الإله الحقّ هو الذي تعبده». وعلى الفور، تحطّمت الأوثان وسقطت أرضًا. حينئذٍ، صرخ الجميع: «الموت لجرجس الساحر!».
بعد مسيرة من الآلام، نال مار جرجس إكليل الشهادة، معانقًا الفرح الأبدي في مطلع القرن الرابع. كما حمل لقب أمير الشهداء، وصنع الله على يده الكثير من العجائب.
لنُصَلِّ كي نتعلّم من القديس جرجس شجاعة الإيمان ومحبّة المسيح من دون انقطاع.
دكتورة في اللغة العربيّة وآدابها. كاتبة وأديبة، في رصيدها كتابان، وهما: "عيون بلون المغيب"، و"أزاهير المستحيل". مُؤسِّسة جوقة "السراج" التي تضمّ مجموعة من الأشخاص المكفوفين والمبصرين.