بيروت, الأربعاء 5 أبريل، 2023
من قصّة أيّوب الذي بات صبره مضرب مثل إذ إنه الرجل المشهود له بالصلاح والتقوى لابتلائه في أقصى التجارب في ممتلكاته وعائلته وجسده، نمضي كي نلامس فكر الكاتب ميخائيل نعيمة في طرحه لمسرحيّته، فيأتي مطوّرًا في أحداثها بأسلوب جديد، وهي من أربعة فصول. وسنحاول أن نكتشف العبرة من الألم، وكيف راح نعيمة يحرّك الخيال بتساؤلاته الوجوديّة بهدف بلوغ حالة اليقين بعد الشك.
لقد حاول نعيمة في مسرحيّته أن يتناول معضلة كبيرة في حياة البشر، وهي الأوجاع التي تصيبهم نتيجة أعمالهم، والتساؤل إلى أيّ درجة تكون هذه الحقائق بمثابة قصاص لهم، فعمل نعيمة على تبيان أن في الحياة حقيقة ثابتة، وهي أن الجميع يتعرّضون للمصائب والألم، لكن هناك من يتألم ويقول الناس إنّه يستحق ذلك، وفي المقابل هناك من يعاني وهو لا يستحق معاناته، وأيّوب هو الأنموذج الأمثل لهذا الواقع.
الإنسان الذي يعيش حياة الألم، يجب أن يقف أمام ذاته ويسأل عن منابع الوجع؛ هل هي من صنع الإنسان ذاته أم هو يجهل مصدرها. وهذا الأمر وفق نعيمة يشير إلى أن العالم الذي نعيش فيه هو منظّم بأسلوب يتجاوز العقل والخيال، وكل شيء لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تأثير هذا التنظيم السائد في الكون. فلا مجال إلى تصوّرات الناس حول ما يجري واعتباره من باب الصدفة أو المصادفة.
وإذا صحّت هذه الفرضيّة، يمكن القول إن كل ما يحصل معنا ومن حولنا يخضع للنظام الشامل. من الواضح أن نعيمة أراد أن يحرّك فينا التساؤلات؛ فهل هناك من سبيل كي نفهم هذا التنظيم، فنتجاوز ما يأتينا منه من معاناة، ونختبر عندئذٍ الراحة والطمأنينة؟