أربيل, السبت 1 أبريل، 2023
لطالما افتقد دير مار ميخائيل، رفيق الملائكة الذي تحتفل الكنيسة الكلدانيّة بتذكاره في الأحد السادس من الصوم الكبير، رهبانه وتلاميذ مدرسته اللاهوتيّة وزوّاره. كما افتقد القداديس والصلوات والتراتيل وقرع النواقيس. فهذا الدير المطلّ على نهر دجلة في منطقة تسمّى «حاوي الكنيسة»، والواقع في الجانب الأيمن من مدينة الموصل شمالي العراق، قد خلا من رهبانه منذ سنوات ولم يعد عامرًا كسابق عهده.
عاش الراهب القديس ميخائيل مؤسّس الدير في القرن الرابع الميلادي، وعُرِفَ بتقواه وورعه حتى إن رفاقه الرهبان كانوا يسمعونه يحادث الملائكة وكأنها تسير معه، فأسموه «رفيق الملائكة».
اشتهر مار ميخائيل -لا نقصد رئيس الملائكة- بين المؤمنين المحلّيين بكونه شفيع الأمطار وبأنه لا يعيد زائريه في يوم تذكاره الذي يكون عادةً في الأحد السابق للشعانين إلا وقد بلّلهم المطر. وذكر التقليد الكنسي أنه قصد قريته ليبشّر أهلها بالمسيحيّة، فوجدهم يعانون العطش بسبب انحباس الأمطار. وإزاء هذه الحال، ركع على ركبتيه وتضرّع إلى الربّ كي يمطر فيض بركاته ويرويهم. وحالما أنهى صلاته، شرعت الأمطار بالهطول، فكانت آية لأهل القرية الذين آمنوا وتعمّدوا جميعهم.
ازدهرت الحياة الرهبانيّة في الدير منذ تأسيسه ليبلغ عدد رهبانه قرابة الثلاثمئة، فيما قاربوا الألف في أزمنة أخرى. وقد اشتهر بمدرسته اللاهوتيّة المعروفة والمنافسة للمدارس الأشهر في زمانها، ويعدّ الشاعر واللاهوتي عبد يشوع بن شهاري أشهر معلّميها، فيما يعتبر إيليّا برشينايا أسقف نصّيبين أشهر تلاميذها. هذا فضلًا عن مكتبته التي ضمّت مخطوطات نفيسة منها نسخة من الإنجيل على الرقّ تعود إلى العام 1294 محفوظة في المكتبة الوطنيّة بباريس، ومخطوطة أخرى تعود إلى القرن الثالث عشر محفوظة في مكتبة الفاتيكان.