بمعنى آخر، عرف برطيما أن يستفيد من الصفتَيْن إيجابًا في تواصله مع الربّ يسوع:
-اعتاد هذا الأعمى أن يشحذ من الناس قوتًا أو مالًا لكنّه لم يسأل الربّ يسوع مالًا ولا نجاحًا ولا قوتًا ولا ملبسًا ولا حتى شفاءً (في أوّل مرحلة) بل دخل فورًا في صلب الموضوع وهو رحمة الله لبني البشر...
-أمّا العمى، فقد ساعده على أن يتعلّم الإصغاء، فأدرك من كلام الناس أن يسوع الناصري مارٌّ، وكان قد سمع الكثير عنه طبعًا كي يعني له الاسم إلى هذا الحدّ... لقد قاده الإصغاء إلى المعرفة، فنادى يسوع بلقب المسيح المنتظر أي ابن داود وتخطّى ذلك إلى طلب الرحمة، وهي لا تُطلب إلّا من الله وحده لما تتضمّنه من إيمانٍ بقدرةٍ تفوق قدرة الإنسان بكثير إذ من يرحم ويغفر إلّا الله وحده؟!
في المرحلة الثانية من الحوار، سأل الربّ يسوع الأعمى: «ماذا تريد؟». فأجابه: «أن أبصر!». الإبصار ليس النظر فحسب بل التنعّم بمعرفة ابن الله الوحيد، كما ترجّى طويلًا سمعان الشيخ وتحقّق رجاؤه فصرخ: «الآن، تطلق عبدكَ بسلام... لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك» (لوقا 2: 29-30)!
من المؤكد أن «برطيما» الأعمى كان أكثر فهمًا لهويّة يسوع من الكثير ممّن رافقوه، من ذوي الأعين التي ترى ولكن لديها قلوب لا «تبصر»:
-كثيرٌ منهم شكّكوا بألوهيّة الربّ يسوع.