7.المصالحة يبادرنا بها الله عندما يرانا تائبين حقًّا وراجعين إليه. إنّها صورة الآب السماوي الذي ينتظر عودتنا، مستعملًا شتّى الوسائل لنرجع إلى نفوسنا. هذا ما عبّر عنه الربّ يسوع بصورة ذاك الأب الذي «فيما كان ابنه بعيدًا، رآه فتحنّن عليه، وأسرع فألقى بنفسه على عنقه وقبّله» (لو 15: 20). وتكلّم عن ثمار المصالحة برموزها:
أ-إعادة كرامة البنوّة: «ضعوا خاتمًا في إصبعه».
ب-ارتداء ثوب النعمة الذي يجدّد ثوب المعموديّة: «أخرجوا الحلّة الفاخرة وألبسوه».
ج-السلوك في طريق جديد بدل القديم: «وألبسوه حذاء في رجليه» (لو 15: 22).
أمّا الثمرة الكبرى فهي وليمة الإفخارستيا للجميع، وليمة الفرح والشكر. إليها يرمز ذبح العجل المسمّن (لو 15: 23). ما يعني أن المشاركة في الإفخارستيا أي صلاة الشكر وتناول جسد الربّ تستوجب أوّلًا المصالحة مع الله والذات والآخرين.
8.وكان لا بدّ من إدخال الابن الأكبر المغتاظ من أخيه إلى مسيرة المصالحة والفرح. فوجّه إليه أبوه الدعوة، راجيًا إليه الدخول والمشاركة لكي تكتمل فرحة البيت (لو 15: 28). هذه هي صورة الكنيسة المتحلّقة حول المسيح الفادي في صلاة الشكر-الإفخارستيا. والمشاركة في ذبيحة الفداء ووليمة جسده ودمه لحياة العالم. لكن هذه المشاركة تستوجب أصلًا المصالحة.
9.معظم الناس اليوم فقدوا معنى الخطيئة، حتى إنّها أصبحت غير موجودة، بما فيها مخالفة وصايا الله ورسومه وتعليم الإنجيل والكنيسة. وأصبح العالم خاليًا من الخطيئة: فلا القتل خطيئة، ولا السرقة ولا الفساد، ولا الضغينة، ولا البغض، ولا الكبرياء، ولا حبّ النزاع، ولا التعدّي على حقوق الغير، ولا الظلم، ولا الاستبداد، ولا الكبرياء، ولا القهر. لذلك، لا توجد توبة ولا شعور بندامة، ولا صوت ضمير يردع ويدعو إلى الإصلاح. هذا هو مكمن أزماتنا في لبنان سياسيًّا وأخلاقيًّا واقتصاديًّا وماليًّا واجتماعيًّا. والسبب هو فقدان معنى الله، والابتعاد عنه، وجهل شريعته الموحاة في الكتب المقدّسة وتلك المكتوبة في الطبيعة نفسها.
والجرم الجرم الذي يرتكبه نوّاب الأمّة هو عدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية بسبب الفيتوات على هذا أو ذاك ممّن تُطرح أسماؤهم للترشيح. فمن أين حقّ الفيتو؟ ومن أين الحقّ في فرض شخص؟ فإذا شئتم الحوار، تعالوا بتجرّد واطرحوا حاجات البلاد اليوم داخليًّا وخارجيًّا، وصوّتوا يوميًّا كما يقتضي الدستور، فيتمّ انتخاب الرئيس الأحسن والأفضل في الظروف الراهنة.
والجرم الجرم الذي يرتكبونه هو إفقارهم الشعب يومًا بعد يوم، وقتله بتجويعه ومرضه وحرمانه وانتحاره وإذلاله وإقحامه على هجرة الوطن.
والجرم الجرم هو تفكيكهم أوصال الدولة ومؤسّساتها الدستوريّة، وإداراتها العامة، وهو إهمال مداخيل الدولة وهدرها في الإدارات والمرافئ البحريّة والمطار وأبواب التهريب.
طبعًا في ذهنيّة جميع المسؤولين عن هذه الأوضاع، لا يوجد أي شعور بالخطيئة أو إقرار بها أو وخز ضمير!
(تستمر القصة أدناه)
اشترك في نشرتنا الإخبارية
10.إنّنا نرحّب بالتقارب بين المملكة العربيّة السعوديّة وجمهوريّة إيران الإسلاميّة، واستعادة العلاقات الديبلوماسيّة بينهما بعد انقطاع دام ستّ سنوات، بسبب عدم احترام سيادة كل من البلدين، والتدخّلات في شؤونهما الداخليّة. الأمر الذي وتّر العلاقات والأجواء الداخليّة والإقليميّة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وبعض بلدان الخليج. إنّنا نبارك هذه الخطوة التي تندرج في خطّ المصالحة السياسيّة. وكم نتمنّى ونرجو أن تحصل عندنا في لبنان وصولًا إلى استعادة هويّته الطبيعيّة أي حياده وتحييده عن الصراعات والنزاعات والحروب الخارجيّة لكي ينصرف إلى الدفاع عن القضايا العربيّة المشتركة وحقوق الشعوب والعدالة والسلام لكي يكون مكان التلاقي وحوار الأديان والحضارات! وهذه دعوته التاريخيّة!
وكم نأمل في زمن الصوم المبارك أن نجمع النوّاب المسيحيين ورؤساء كتلهم في يوم رياضة روحيّة يكون يوم صيام وصلاة وسماع لكلمة الله وتوبة ومصالحة، استعدادًا للعبور إلى حياة جديدة مع فصح المسيح.
11.إنّنا نضع هذه الأمنية في عهدة العناية الإلهيّة، وشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة لبنان، رافعين المجد والشكر للثالوث القدّوس. الآن وإلى الأبد.
تأسست وكالة الأنباء الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "آسي مينا" في 25 آذار 2022، عيد بشارة السيّدة مريم العذراء، بعد عام واحد على الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس إلى العراق. "آسي مينا" جزءٌ من مجموعة CNA/ACI، وهي إحدى خدمات أخبار EWTN.