الحيرة, الأربعاء 1 مارس، 2023
الحيرة مملكة أقامها الفرس في القرن الثالث الميلادي على ضفّة نهر الفرات لتكون صلة وصل بينهم وبين العرب. أصل اسمها من كلمة «حرتا» السريانيّة، ومعناها الحصن أو الدير. وكان أهلها، على غرار شعب مملكة الأنباط وأهل تدمر، يتكلّمون اللغة العربيّة لكنّهم يكتبون بالسريانيّة، لغة صلواتهم.
بحلول القرن الخامس، غدت الحيرة أبرشيّة مشرقيّة. فلقد كان امرؤ القيس بن عمرو (295- 328) أوّل ملك منها يهتدي إلى المسيحيّة. ويذكر البطريرك لويس ساكو في كتابه خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانيّة أن أسقف المملكة حينذاك هوشع شارك في مجمع كنيسة المشرق المعروف بمجمع إسحق في العام 410.
في أيّام الملك النعمان بن المنذر (582-609)، كانت المسيحيّة قد انتشرت بين قبائل عربيّة عدّة، وترسّخت وعظم شأنها في الحيرة، وكان يُدعى المسيحيّون في هذه الأخيرة بالعبّاد. فصارت المملكة يومها أحد أهمّ مراكز نقل البشارة إلى جوارها الجغرافي، ولا سيّما إلى القبائل العربيّة. فمن خلال مركزها المرموق بين القبائل وحركة التجارة المزدهرة فيها، ساهمت في نشر المسيحيّة المشرقيّة في شبه الجزيرة العربيّة، خصوصًا في بلدان الشاطئ الشرقي لشبه الجزيرة العربيّة: قطر أو بيت قطرايي والبحرين أو داراي وعُمان. وقد كشفت التنقيبات الحديثة عن آثار دير مشرقي بجزيرة السينية بأمّ القيوين في الإمارات العربيّة مشكّلة بذلك دليلًا على انتشار المسيحيّة في تلك الأنحاء.