أربيل, الثلاثاء 28 فبراير، 2023
«حضور الكنيسة ليس بأبنيتها، بل بحضوركم الحيّ. أنتم باقون، إذًا الكنيسة باقية». بهذه العبارات، شجّع رئيس أساقفة الموصل للكلدان المطران بولس فرج رحّو المؤمنين المصغين إلى عظته في خلال قداس احتفل به على أنقاض كنيسة الطاهرة للكلدان بالموصل، بُعيد تفجيرها بأيدي المجموعات الإرهابيّة في العام 2004.
أطلق المطران رحّو نداءات محبّة متكرّرة في فترة عصيبة شهدت في خلالها الموصل، مركز محافظة نينوى شمالي العراق، سلسلة أحداث عنف دراماتيكيّة في الأعوام التي تلت 2003 إذ فُجِّرَت كنائس عدّة، فضلًا عن عمليّات تهديد وخطف وقتل طالت مسيحيين كثيرين بينهم كهنة. وقال: «نحن المسيحيين لسنا أعداءً لأحد، وحتى الذين يحسبوننا أعداءً لهم، فهؤلاء يوصينا إنجيلنا وربّنا يسوع المسيح بأن نحبّهم، بقوله: أحبّوا أعداءكم»، مكرّرًا الدعوة إلى الصلاة من أجل الذين «اعتبرونا أعداءً لهم وفجّروا كنائسنا»، ومشدّدًا على الصمود لأن العراق «بلدنا ونحن باقون هنا كما بقي أجدادنا، على الرغم من كل الاضطهادات».
شهيد السلام والوحدة الإنسانيّة
هاجم مسلّحون مجهولون المطران رحّو يوم التاسع والعشرين من فبراير/شباط 2008 أمام كنيسة الروح القدس الكلدانيّة بالموصل بعد إنهائه صلاة درب الصليب، ما أسفر عن اختطافه واستشهاد سائقه ومرافقيه. وبعد مفاوضات عصيبة مع الخاطفين، وعلى الرغم من دفع الفدية، عُثِرَ على جثمانه شبه مدفون يوم الثالث عشر من مارس/آذار 2008 في إحدى ضواحي الموصل. وقد شُيِّعَ جثمانه ودُفِنَ في بلدة كرمليس، بسبب تردّي الأوضاع الأمنيّة في الموصل، ثمّ نُقِلَ إلى كنيسة مار بولس للكلدان بالموصل في العام 2012، تنفيذًا لوصيّته. وإبّان سيطرة تنظيم داعش على المدينة، دُمّر كل من الكنيسة والقبر.