سيول, الاثنين 27 فبراير، 2023
مرّت الكنيسة الكاثوليكيّة بمحطات عدّة ومتقلّبة في تاريخ حضورها في كوريا الجنوبيّة، بدأت بالاضطهاد ثمّ الاستقرار لتصل اليوم إلى معدّل نموّ كبير سواء على مستوى المتحوّلين إلى المسيحيّة أو على مستوى الدعوات والإرساليّات، ما يجعلها تحتلّ المرتبة الثانية بعدد المسيحيين بعد الصين في شرق القارّة الآسيويّة.
دخلت الأفكار والآداب المسيحيّة الأولى مع الكتب العلميّة إلى شبه الجزيرة الكوريّة في القرن السابع عشر من خلال الرهبان اليسوعيين الذين بشّروا في الصين. وفي القرن التالي، بعد اطّلاع المثقّفين والعلماء على ما وصلهم من نصوص، اعتنق الكثير منهم المسيحيّة، أوّلهم «يي سونغ هون»، وتُعتبر سنة معموديّته (1784) نقطة البداية الحقيقيّة للمسيحيّة والكاثوليكيّة في البلاد.
بعد ذلك، تعرّض المسيحيّون على مدى قرن من الزمن لاضطهادات واسعة من جانب الدولة، سببها معارضة الكنيسة «عبادة الأجداد». وفي الوقت نفسه، مُنِعَ التبشير بالدين الجديد والذي عادةً ما كان يتمّ سرًّا على أيدي الرهبان والكهنة الصينيين والفرنسيين على وجه الخصوص، بسبب رفض السلطة الحاكمة الانفتاح على العالم الخارجي. واشتدّ الاضطهاد في الأعوام 1801 و1839 و1846. في هذا العام الأخير، استشهد أوّل كاهن كوري هو القديس أندرو كيم تايغون. أمّا الاضطهاد الأشدّ، فبدأ في العام 1866 عندما أُعْدِمَ أكثر من 10 آلاف مسيحي.
من هنا، تُعتبر كوريا رابع دولة في العالم من حيث عدد الشهداء الكاثوليك، لكن ما يثير الاهتمام عند قراءة تاريخ الكثلكة في البلاد هو ازدياد عدد المسيحيين بشكل مُطرد بعد كل اضطهاد، ولا سيّما ابتداءً من العام 1883 عندما انفتحت كوريا على البلاد الأخرى ومنحت شعبها الحرّية الدينيّة، فعاش المسيحيّون في سلام باستثناء حادثة 1901 حين اندلعت أعمال شغب راح ضحيّتها 700 كاثوليكي. وبين خمسينيّات القرن الماضي وثمانينيّاته، شهدت الكاثوليكيّة نموًّا هائلًا بفضل سياسة الدولة المنفتحة واعتناق النُخَب لها، ومراعاة الكنيسة الكاثوليكيّة الخصوصيّة الثقافيّة الكوريّة بعد المجمع الفاتيكاني الثاني. كما عزّزت الكنيسة مكانتها بعد زيارة البابا القديس يوحنا بولس الثاني البلاد في العام 1984.